رضوان عقيل – النهار
يناقش النواب البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام تحت عنوان “الإصلاح والإنقاذ”، وستحصل غدا الأربعاء على ثقة العدد الأكبر من أعضاء البرلمان ما عدا تكتل “لبنان القوي” غير الممثل في الحكومة، إلى عدد من النواب المستقلين الذين لم يلمسوا أن الحكومة بدأت رحلتها وفق قواعد صحيحة، ولا سيما أن مستقلين وتغييريين لم يروا في تشكيلتها كل طموحاتهم أو ما طلبوه من مواصفات في قماشة الوزراء.
يشكل البيان محل رضا وقبول عند الكتل الكبرى القادرة على إيصال الحكومة إلى شاطئ الأمان وإعطائها المساحة المطلوبة لتنفيذ جملة من المشاريع الإصلاحية قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، التي يبدو الأفرقاء متحمسين لها، وقد بدأت الأحزاب تستعدّ ليوم “الحساب الكبير”.
وإذا كان تركيز الجميع على البرلمان لضرورة حصد أكبر عدد من المقاعد، فإن الملفات التي تناولها البيان الوزاري كلها ملحة، من التطرق إلى رزمة تحديات فضلا عن تهديدات إسرائيل وإمكان انسحابها من النقاط المحتلة في الجنوب، ولكن يبقى ملف الإعمار في صدارة الاهتمامات، وهذا ما سيبرز لدى كتلتي الرئيس نبيه بري و”حزب الله” اللتين ستردان بطريقة غير مباشرة على جهات تفكر في عدم البدء بالإعمار قبل موعد الانتخابات النيابية، لافتعال مشكلات لـ”الثنائي” وإرباكه مع بيئته.
ويقول بري إنه مع منح الحكومة “فترة سماح” مئة يوم لتقوم بما تعهدت به، وخصوصا ملف الإعمار، ولا سيما أن عامل الوقت لا يصب في مصلحة الجميع، إذ إن الأوضاع الضاغطة تتطلب تحقيق جملة من الإنجازات الموعودة.
ويبقى البيان محل قبول عند مجموع النواب، وخصوصا في موضوع الإصلاحات القضائية وتفعيل هيئات الرقابة. أما النواب الشيعة، فمسألة حصر احتكار السلاح في يد الدولة محل نقاش عندهم. ولا يعني هذا أن فريقهم سيكون حجر عثرة في تمرير البيان، ولا سيما من طرف “حزب الله” الذي يتمثل بوزيرين، ولو أنهما ليسا من جلدته الحزبية. ويرى نواب أن مناقشة الإستراتيجية الدفاعية لا يفترض أن تكون في البرلمان والجلسة “منقولة على الهواء”.
ورغم عدم رضا العدد الأكبر من النواب السنة على خلفية تمثيل سلام لوزراء طائفتهم، سيمنح العدد الأكبر منهم الحكومة الثقة، وإن كانوا يقولون إن مقاربة تمثيل طائفتهم لم تكن على مستوى التعامل مع المسيحيين والشيعة والدروز، إذ كانت لسلام الكلمة الأولى والأخيرة في تسمية وزراء مكونه.
ويبقى أن ثمة أكثر من نصف نواب المجلس قد طلبوا الكلام، فالمناسبة تسمح لهم بالإطلالة، وصورهم وخطاباتهم ستصل إلى قواعدهم الانتخابية وهم في موقع الذود عن مناطقهم.
وعلى سبيل المثال، سيركز نواب الشمال على تشغيل مطار القليعات ويستثمرون الملف في حملاتهم الانتخابية، وإن يكن هذا المرفق الجوي يشكل حاجة للبلد، بغض النظر عن كل ما يحصل في مطار رفيق الحريري.
وتتقدم “القوات اللبنانية” الكتل النيابية التي ستمنح الحكومة الثقة، وهي راضية بنسبة كبيرة عن بيانها رغم محاولاتها إدخال إضافات عند إعداده. ويقول نائب “قواتي” إنه على أهمية البيان، “تبقى العبرة في التنفيذ والتطبيق والالتزام”.
وستركز مداخلات نواب “الجمهورية القوية” على “عدم التهاون في السيادة” واحترام تطبيق القرار 1701 وعدم حصره بجنوب الليطاني، حيث سيوجهون سهامهم نحو “حزب الله”، ولا سيما أن جملة من الإشارات التي رافقت تشييع السيد حسن نصرالله لم تكن محل قبول عند حزبي “القوات” والكتائب، الأمر الذي قد يؤدي إلى إطلاق موجة من الردود تحت قبة البرلمان الذي لم يستطع تاريخيا حجب الثقة عن أي حكومة.
يدخل أعضاء الحكومة الـ24 اليوم القاعة العامة للمرة الأولى، ما عدا ثلاثة: طارق متري وياسين جابر وغسان سلامة الذين خبروا تفاصيل اللعبة في ربوعها، وسيلمس الآخرون بمن فيهم سلام أن رؤية روما من فوق تختلف عنها من تحت، حيث تنتظرهم جميعا معمودية سياسية ومالية شاقة قد تتجاوز حدود كل سطور البيان الوزاري.