كما كان متوقعا انتهت القمة العربية في البحرين الى «لا شيء» عمليا، وانضم بيانها الانشائي، سواء في ما يتعلق بلبنان او بالحرب على غزة، الى ما سبق من بيانات القمم السابقة، لا «لون لها ولا طعم»، باستثناء الدعوة «المفخخة» الى نشر قوات دولية في الاراضي الفلسطينية المحتلة والذي ستتكشف خلفياته في الساعات القليلة المقبلة. في هذا الوقت، كانت المعادلات الجدية ترسم في الميدان، حيث اعلن «انصار الله» البدء بالمرحلة الرابعة في معركة حصار موانىء كيان العدو، وفي غزة حيث الغرق الاسرائيلي في «المستنقع» يتعمق يوما بعد يوم في ظل حرب استنزاف لجيش الاحتلال العالق بين افخاخ المقاومة الفلسطينية القاتلة، وانقسامات داخلية وسوء ادارة سياسية للمعركة، اختصرتها صحيفة «معاريف» بوصف «اسرائيل» بـ «جمهورية الموز».
اما على الجبهة الجنوبية، وبعد توسع الاعتداءات الاسرائيلية الى البقاع، فقد ادخل حزب الله خلال الساعات القليلة الماضية تكتيكات جديدة الى ساحة القتال اصابت بالذهول الاوساط الامنية والعسكرية والاعلامية في «اسرائيل»، مع الاقرار بانه حقق انتصارات استراتيجية غير مسبوقة بعد نجاحه في القيام بعمليات عسكرية معقدة تستند الى معلومات استخبارتية سمحت له بشن عمليات جوية ناجحة في طبريا، على بعد نحو 50 كلم من الحدود، في اطار شل وسائل الاستعلام والتجسس الاسرائيلية. اما الجديد بالامس، فكان نجاح المقاومة في شن اول غارة جوية بصواريخ «اس 5» من طائرة مسيرة على موقع حساس في «المطلة».
سياسيا، كان لافتا البيان الصادر عن سفراء «الخماسية» بالامس، حيث قدم ما يشبه» خارطة الطريق» لاجراء الانتخابات الرئاسية. وبكلمات منتقاة تحدث عن مشاورات وليس حوار، وعن مرشح متفق عليه على نطاق واسع، او قائمة قصيرة من المرشحين… فهل يحرك البيان المياه الراكدة رئاسيا؟ من المبكر الحديث عن ذلك برأي مصادر مطلعة، فلا جديد نوعي يمكن البناء عليه حتى الآن، لان السفراء وضعوا على الطاولة «النقاط على الحروف»، لكن يبقى السؤال: هل هم مستعدون للضغط على الاطراف المعنية لتسهيل الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية الجاري؟
جنوبا، رفع حزب الله من نسق عملياته العسكرية، راسما معادلات ميدانية جديدة، في سياق الردع المحسوب بدقة، ودون تعديل في استراتيجيته العسكرية القائمة على لجم قوات الاحتلال ومنعها من تجاوز حدود قواعد الاشتباك، ودعم غزة، دون الانزلاق الى حرب شاملة… هكذا اختصرت مصادر مقربة من حزب الله المشهد العسكري راهنا، دون ان تنفي وجود ربط عملاني بين ادخال تكتيكات جديدة في المواجهة وبدء قوات الاحتلال عملية عسكرية في رفح، وهو امر ترك انعكاساته على مختلف جبهات المساندة.
ويمكن القول ان يوم امس كان «يوم الاجهاز على الاجهزة التجسسية الاسرائيلية، حيث تم استهداف اجهزة تشويش على المسيرات، واجهزة تنصت. وبحسب وسائل اعلام اسرائيلية، فان حزب الله يعمل على ضرب أهداف إلكترونية ويسلب من «الجيش» الإسرائيلي قدرات متطورة تمهيداً لمواجهة محتملة، ما دفع برئيس الأركان الإسرائيلي هارتسي هاليفي الى الاعلان ان جيش الاحتلال على جاهزية عالية على الحدود مع لبنان، وقال «علينا القيام بردود أفعال قوية».
وفي سياق متصل، ربطت مصادر مطلعة للديار التصعيد على جبهات المساندة وفي غزة، بما يدور ايضا خلف الكواليس السياسية حيث يستعد مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، لبدء محادثات مطلع الاسبوع المقبل في السعودية و «إسرائيل»، لصياغة مسار «اليوم التالي» للحرب. ووفقا للتسريبات الاسرائيلية، فان مهمة سوليفان في السعودية، ستكون معرفة مدى استعداد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للبدء بخطوات أولية للتطبيع مقابل تعهد «إسرائيل» بعدم دخول رفح؟! اي محاولة تغيير الموقف السعودي الذي يطالب مقابل التطبيع بموافقة اسرائيلية على حل الدولتين. وهذا امر خطر جدا، برأي مصادر مطلعة، ترى ان المعركة اليوم تحتاج الى تصعيد ميداني لمنع فرض شروط سياسية على الفلسطينيين ودون التنسيق مع حركة حماس.