رندلى جبور – خاص “المدى”
صار جبران باسيل الاسم رقم واحد في التداول الاعلامي والاجتماعي. معه وضدّه. مؤيدون له ومعترضون عليه. وإذا لم يكن من خبر يتناوله، فيتمّ اختلاق إشاعة عنه أو حملة منظمة ونشرها في السوق. وآخر الحملات، تلك التي تتعلق بحضور باسيل منتدى دافوس الاقتصادي الذي ينطلق غداً الثلثاء في 21 كانون الثاني 2020. انهالت الدعوات على السوشال ميديا لمنعه من الحضور، ولطرده إذا ما حضر. كل أنواع الاتهامات انكبّت عليه. وبسرعة البرق انتشرت ووصلت على كل هاتف مرة على الاقل. ولا يمكن لعاقل إلا أن ينتبه إلى أنها حملة مبرمجة ومحضّرة وخلفها جيش إلكتروني يتقن فنون الاغتيال المعنوي، ولا يمكن لعاقل إلا أن ينتبه لكميّة الحقد التي تهطل مع هذه المنشورات، والمغلّفة بمحاولات تشويه وتشويش فائفة الدقة.
ونتوقف هنا عند النقاط التالية:
أولاً- إن هذا الأسلوب بطرد سياسيين ووجوه من الشأن العام من الأماكن العامة هو اعتداء على الحريات وقلة أخلاق موصوفة، والأجدى بناشطي هذا الاسلوب البشع أن يجهّزوا ملفاتهم ويتجهوا بها إلى القضاء المخوّل بأن يصدر الأحكام على الناس وهو الذي يقرر مَن هو المجرم أو الفاسد الذي يستحق احتجاز حريته. وإذا لم يكن بين أيديكم أي ملفات فالأفضل أن تكفّوا عن هذا الاعتداء وإلا فليحاسبكم القانون.
ثانياً- صحيح أن منتدى دافوس هو منتدى عالمي ولكنه ليس منتدى رسمياً بل منتدى خاص، ويوجّه القيّمون عليه الدعوات لمن يعتبرونه مؤثراً وفاعلاً في بلده وسيحضر الاجتماع هذا العام مثلاً الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون بالإضافة إلى وزراء خارجية واقتصاد ورجال أعمال، وقد دُعي باسيل على أساس أنه شخصية مؤثرة وأنه غنى للمنتدى الذي يفتش عن تنوّع الاطياف والافكار، وليس أكيداً ما إذا كان سيلبّي الدعوة أصلاً وهذا مرتبط به وحده وليس مرتبطاً بما يريده بعض الآخرين.
ثالثاً- إن باسيل وليتكلّم البشعون ما شاؤوا، ليس متورطاً بفساد بدليل غياب أي دليل، وليس شريكاً بالحروب، وليس ناهباً للمال العام ولا معتدياً على الاملاك البحرية ولا قاضماً للحقوق، وليست الصفقات إلا تهمة بلا ورقة ضده، بل هو صاحب العمل لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج وقد عمل على تشجيع الصناعة اللبنانية وفتح لها أبواباً جديدة في الخارج، وهو مطلِق الدبلوماسية الاقتصادية وراعي مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي جمع الطاقات الخارجية وردّها إلى لبنان ولو معنوياً لتكون شريكة بالنهضة المأمولة، وهو الذي أعاد إلى المتحدرين من أصل لبناني جنسيتهم وأشركهم بالقرار بحقوق جديدة في قانون الانتخاب، هو المناضل لإعادة النازحين ورفض التوطين، الذي لم يخف يوماً من قول ما يريد أمام كل المحافل الدولية ولو كان ما يقوله لا يرضي كثيرين، وهو الذي أعاد للدبلوماسية اللبنانية وهجها وديناميتها وفرضها شريكاً إلى الطاولة لا طبقاً على الطاولة. كثيرة هي الأفعال الوطنية لهذا الرجل وربما رفضه هو لهذا السبب. أتى يقلق من يريدون أن يكون لبنان ضعيفاً ليخضع، وأتى يهزّ عروش الفاسدين بمشاريع واقتراحات محاربة الفساد، وأتى بحركة تُظهر كسل السياسيين اللبنانيين، وأتى بانقلاب من أجل حياة جديدة في لبنان، فكان أن سبقوه بانقلابهم وجزء من الانقلاب هو على أنه لا يشبههم.
لا أعرف إذا ما كان من يريدون طرد باسيل من دافوس أو حتى من الحياة السياسية اللبنانية يدرون ماذا يفعلون. هل يدرون أنهم بذلك يكرّسون حكم الفاسدين؟ وهل يدرون أنهم بالتعميم العشوائي يقضون على أي فرصة للتغيير والإصلاح؟ وهل يدرون أنهم إذا اختلقوا الإشاعات وساقوا الحملات ضده، إنما يؤذون كل المجتمع اللبناني وليس باسيل أو التيار الوطني الحر؟
إذا كانوا يدرون فهذه مصيبة لأن ذلك يعني أن المؤامرة كبيرة جداً، وإذا لا يدرون فالمصيبة أكبر لأن ذلك يعني أن داء الغباء متفشي كثيراً في مجتمعنا.