رأى الباحث في الشأن العسكري والإستراتيجي عمر معربوني “أنّ الإسرائيلي يحاول تحقيق إنجاز ما في بلدتي الخيام وشمع لصرفه في المفاوضات”، لافتاً الى “أننا الآن أمام وضعية ضاغطة الى حدّ ما بالنسبة للخيام، حيث تتقدّم القوات الاسرائيلية من أكثر من اتّجاه، لكنّها لا تزال عند تخوم البلدة، وهناك محاولات للتقدّم من كفرشوبا والإلتفاف على الخيام، من منطقة إبل من الشمال، بهدف تطويق الخيام وقطع الإمدادات عنها، وهذا ضغط استثنائي وغير طبيعي عليها، ومستمرّ منذ نحو 12 يوماً من دون توقّف”. لكنّه أبدى اعتقاده بـ”أنّ المقاومة حتى اللحظة لم تعطِ الإسرائيلي فرصة للوصول الى الخيام، خصوصاً وأنّ الدخول اليها دونه مخاطر كبيرة على القوات الاسرائيلية، حيث من المؤكّد أنّ حرب شوارع ستدور واستبعد أن تنجزها في وقت قصير”.
من جهة ثانية، اعتبر معربوني أنّ “إدخال تل ابيب ضمن دائرة النار واستهدافها بصواريخ ثقيلة يُعتبر نقلة نوعية في مسار المعركة، وبالتالي نحن أمام تفعيل المعادلة السابقة التي طُرحت، وهي بيروت يقابلها تل ابيب”، مشيراً الى أنّ “قصف تل ابيب جاء بعد استهداف بيروت لأكثر من مرّة، وبالتالي، تفعيل هذه المعادلة من المفترض أن يتّجه باتجاه حماية بيروت في الحدّ الأدنى، وإذا لم يحصل ذلك، واستمرّ الكيان الاسرائيلي باستهداف بيروت فإنّ تل ابيب ستُستهدف في شكل دائم، علماً أنّها استُهدفت سابقاً أكثر من مرّة، لكنّ الرمايات كانت على مواقع وقواعد عسكرية كقاعدة تل نوف الجوّية، وهي جنوب تل أبيب عملياً، وقاعدة 8200 وهي القاعدة التي استُهدفت اكثر من مرّة، ولكنّ اللافت في الاستهداف الإخير أنّه طال أماكن مدنية بشكل أساسي وليس عسكرية. وعليه نستطيع القول إنّ هذه المعادلة يمكن أنّ تصل الى مرحلة حماية بيروت مقابل عدم اطلاق النار والصواريخ على تل ابيب”.
وقال معربوني: “يتردّد كثيراً في المرحلة الأخيرة تصريحات لنتنياهو وغيره من القادة في الكيان الاسرائيلي بأن المفاوضات ستجري تحت النار، أي إبقاء لبنان تحت النار، وهذا الأمر فيه كثير من مجافاة الحقيقة، خصوصاً وأنّ أجزاء كبيرة من الكيان الاسرائيلي هي أيضاً تحت النار، وتبقى المسألة كيف يمكن للبنان أن يتحمّل، أو للكيان الاسرائيلي أن يتحمّل”. وتابع: “من المعروف أنّ اللبنانيين وعلى مدى عقود طويلة من الصراع تعايشوا تقريباً الى حدّ كبير مع مسارات القصف الاسرائيلي ومستوياتها المختلفة من التدمير والقتل، في حين أنّ الاسرائيليين لم يمرّوا في هذه التجربة بشكل مباشر، ونتكلّم طبعاً عن المدنيين. فمع إبقاء القواعد العسكرية والمدنية تحت النار، اذا تمّ تفعيل معادلة مدني مقابل مدني بشكل مستمرّ وفاعل، نستطيع القول إنّ المفاوضات يمكن أن تصل الى نهايات سعيدة، بشكل أو بآخر”.
وردّاً على سؤال أوضح معربوني أنّه “من حيث المبدأ، يعتبر “حزب الله” أنّ هذه المعركة قد تكون طويلة، وبالتالي من أهمّ عناصر خوض المعركة الطويلة هي التقنين في استخدام الموارد والتدرّج أيضاً في استخدامها، وتأخّر الحزب في قصف تل ابيب له أسباب تتعلّق بحماية العاصمة اللبنانية بيروت، لكن طالما أنّ الاسرائيلي تجرّأ واستهدف أكثر من مرّة أهدافاً في العاصمة وليس في نطاق محيطها، فكان ضرورياً أن يتمّ استهداف تل ابيب لإرساء المعادلة المرسومة سابقاً”.
وذكر معربوني “أنّ هناك قاعدة أساسية في الاستراتيجيا،هي أنّ الميدان هو الميزان، وبالتالي نتائج الميدان هي التي تقرّر المسار الذي ستذهب اليه الأمور. يعني حتّى اللحظة، مسألة المفاوضات فيها الكثير من اللغط لجهة طرح بعض الإضافات على القرار 1701 التي لا تتناسب مع سيادة لبنان، ومن ضمنها مسألة إطلاق يد اسرائيل، وإبقاء حرّية العمل لها في استهداف أي هدف تراه مناسباً في أي وقت من الأوقات، حتى بعد وقف إطلاق النار. لذلك اعتقد أن الامور ستستمرّ في هذا الاتجاه حتى الوصول الى موازين قوى يمكن من خلالها إرساء قاعدة انطلاق لتثبيت وقف اطلاق النار على أساس الـ 1701 بشكل أساسي”.
واعتبر معربوني أخيراً “أنّ مسألة الربح والخسارة في الحروب تُحسم بنتائجها وليس بكلفتها، فإذا فشل العدوّ في تحقيق هدفه بالقضاء على “حزب الله” وإرجاع مستوطني الشمال، فبالتأكيد هو من سيكون خاسراً، أضف الى أنّ في الاستراتيجيا هناك قاعدة كبيرة وأساسية وراسخة، ومفادها أنّ قوة صغيرة يمكن أن تنتصر على قوة كبيرة في حال تمكنّت القوة الأصغر والأضعف من منع القوة الأكبر والأقوى من تحقيق أهدافها، وهذا ما نأمل أن يتحقّق في لبنان، بالرغم من كل الأكلاف الباهظة التي تُدفع الآن، وأن يكون الكيان الإسرائيلي هو الخاسر، ولبنان هو الرابح”.