حدّاثا هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، ترتفع 800 م عن سطح البحر، تقع على هضبة تطلّ على البحر، وتحيط بها تلال من كلّ جانب.
يحدّها؛ رشاف جنوباً، تبنين وحاريص شمالاً، حاريص وصربين غرباً، الطيري وعيتا الجبل وبيت ياحون شرقاً.
صحيح أنّ البلدة ليست ضمن قرى الحافة الامامية، وأنّ العدوّ الإسرائيلي لم يدخل اليها، فغاب بالتالي قصفه المباشر عليها، إلا أنّ اصوات تفجيراته في المناطق المحاذية لها وأصوات طائرات استطلاعه تتردّد أصداؤها في سمائها.
فحدّاثا عاصرت اجتياح إسرائيل في آذار 1978 الذي صدر على إثره القرار 425 ودعاها فيه إلى الانسحاب، كما طالب بإقامة قوة موّقتة تابعة للامم المتحدة في لبنان (يونيفل). كذلك عاصرت اجتياح حزيران 1982 وما رافقه من أحداث وأعمال قتل وتدمير، ورزحت تحت نيران العدو قبل تحرير العام 2000 بفِعل وجوده على تخومها، فاستشهد الكثير من أبنائها، إلّا أنّها بقيت صامدة وصابرة، قبل أن يتكرّر المشهد في حرب الاسناد وعدوان أيلول فتدفع أكثر من 16 شهيداً.
يبلغ عدد سكان حدّاثا نحو 3000 نسمة وقد نزحوا عنها خلال عدوان أيلول 2024، وتوزّعوا على مناطق جبل لبنان وبيروت وكسروان والشمال، لا سيّما في طرابلس وعكار، وعاد بعضهم اليها تدريجياً فور وقف الأعمال العدائية، لتفقّد منازلهم وأرزاقهم وممتلكاتهم، كما أشار رئيس البلدية عيد منصور مؤكّداً أنّ عدداً كبيراً من المنازل قد دمّر جرّاء القصف والغارات الإسرائيلية، وهناك منازل تحتاج إلى ترميم ولا يمكن تحديد نسبتها لعدم اكتمال الإحصاء الرسمي حتى الآن، إلّا أنّ جمعية مؤسسة “جهاد البناء” بدأت بدفع التعويضات عن المنازل المهدّمة والمتضرّرة وبدلات الإيواء. وفي الموازاة، باشر مجلس الجنوب بإحصاء الأضرار في القرية.
المزارعون في البلدة لم يتمكّنوا من جني محصولهم من التبغ للمرة الثانية على التوالي، وكذلك محصول الزيتون الذي سقط أرضاً بفعل النزوح.
فور العودة، عملت البلدية بالتعاون مع الهيئة الصحّية وكشافة الرسالة الإسلامية على فتح الطرقات وإزالة الردم في المرحلة الأولى، قبل أن تتمكّن في المرحلة الثانية بالتعاون مع العمل البلدي واليونيفيل من تأمين نسبة معيّنة من الإنارة عبر تمديد كابلات الاشتراك، علماً أنّ مؤسسة كهرباء لبنان عملت منذ أيام على إصلاح خطوط التوتر العالي وإعادة التيار الكهربائي إلى البلدة، وِفق منصور، الذي دعا الدولة “إلى تعزيز أجهزتها، خصوصاً في الجنوب ودعم الناس على المستوى الاقتصادي والزراعي والإنمائي، وكذلك صرف المستحقّات للبلديات لكي تتمكّن من القيام بدورها التنموي”، مُناشداً الوزارات المعنية بـ”أن تتحرّك سريعاً وتلتفت الى المنطقة المدمّرة والتي تحتاج الى كلّ شيء “.
وتمنّى منصور أخيراً “أن يصمد إتفاق وقف إطلاق النار وأن ينسحب من أرضنا، لأنّه لا يصحّ إلا الصحيح في النهاية “.