كونين بلدة جنوبية في محافظة النبطية، قضاء بنت جبيل، تحدّها الطيري غرباً، بنت جبيل وعيناثا جنوباً، عيثرون ومحيبيب شرقاً، وبيت ياحون وبرعشيت شمالاً. تبلغ مساحتها 10 كلم مربّع ويبلغ عدد سكانها حوالي 9000 نسمة بين مقيم ومغترب.
عاصرت البلدة حروباً عدّة، منذ الانتداب الفرنسي وصولاً إلى الإحتلال الإسرائيلي سنة 1978، فرزحت تحته 22 سنة إلى أن ذاقت طعم التحرير سنة 2000، قبل أن يستهدفها العدو مجدّداً في سنة 2006 من دون أن يتمكّن من دخولها، فلم يوفّرها خلال عدوانه الأخير سنة 2024.
يقيم في البلدة نحو 2000 شخص في فصل الشتاء، ونحو 4500 شخص في فصل الصيف. مع بداية معركة طوفان الأقصى، نزح الأهالي إلى قرى جنوبية أكثر أمناً وإلى بيروت، قبل أن ينزحوا مجدّداً مع توسّع العدوان، إلى الشمال والبقاع والجبل، فيما سافر بعضهم إلى سوريا والعراق .
القصف الإسرائيلي العنيف الذي طال كونين دمّر غالبيّة الأحياء والمنازل فيها، وتحدّث رئيس البلدية محمد طعمة عن تدمير 78 مبنى سكنياً تدميراً كلّياً، وعن تعرّض باقي المنازل لأضرار متفاوتة. كما تضرّرت الطرقات وشبكات الكهرباء والاتصالات، ونظام الطاقة الشمسية الذي كان يغذّي البلدة بالكهرباء، ومحطة تكرير المياه، وجدران الدعم، والبرك الزراعية والمدرسة والمسجد والنادي الرياضي والمجمّع الثقافي.
ولفت إلى أنّ العدوّ تعمّد إحراق أحراج البلدة بالقذائف الفوسفورية، حيث كان يسارع أبناؤها إلى إطفاء الحرائق، إلى أن نزحوا مع توسّع العدوان على الجنوب، فكرّر فِعلته وأحرقها مجدّداً مع المحميات والمزروعات.
ووصف طعمة ممارسات العدو بـ”الهمجية والبربرية”، مشيراً إلى أنّ المنازل التي استهدفها هي”منازل مدنيين في سياسة انتقام وتشفٍّ من أبنائها ومن مواقفهم المعروفة، لكن الحمد الله نحن شعب متماسك، ندرك جيداً ما نريد، كذلك ندرك من هو عدوّنا ومن هو صديقنا”. وأكّد “أنّ أكثر ما يزعج العدو هو صمود الأهالي في أرضهم، فهم يعتمدون بغالبيتهم على الزراعة وتمسّكهم بأرضهم يفوق الوصف، وبالتالي هم لا يحتاجون إلى من يدعوهم إلى الصمود في قراهم وبيوتهم”.
وبالرغم من الدمار والوحشية الإسرائيلية الذي تعرّضت له كونين، عاد قلب البلدة ليخفق مجدداً. وفي هذا السياق، أوضح طعمة أنّه “مع عودة الأهالي مباشرة بعد وقف إطلاق النار، عملت البلدية بالتعاون مع كثيرين منهم، على فتح الطرقات وإزالة الردميات عن جوانبها، وانتشال جثامين الشهداء، وباشرنا في اليوم التالي بإجراء الصيانة اللازمة للمولّدات، فتمكّنا كفريق عمل واحد، من تأمين الكهرباء لثلثي البلدة، ويبقى الثلث الباقي في انتظار التمويل لأنّ معظم الكابلات قد أتلفت ونحن بحاجة إلى عدد كبير منها وكلفتها عالية جداً”.
وسلّط رئيس البلدية الضوء على “الوضع المذري للبلديات التي لا تقبض مستحقّاتها إلا على سعر 1500 ليرة، والمجلس البلدي من 15 عضواً وعدد سكان البلدة يناهز 9 آلاف نسمة، فإذا أردنا “تقريش” ما نقبضه من مستحقّات على سعر الدولار يبلغ المجموع 6 آلاف دولار في السنة، وهذا المبلغ لا يكفي لموظف واحد في البلدية”. واكد الاستمرار في العمل لتأمين الخدمات المطلوبة للسكان، والتنسيق مع شركة كهرباء لبنان لإعادة التيار إلى البلدة، خصوصا وأن نحو 310 عائلات يعيشون في البلدة اليوم بعد عودتهم من ضمنهم 33 عائلة نازحة من قرى الحافة الأمامية.
غياب الدولة عن كونين اليوم لم يفاجىء طعمة، على اعتبار “أنّها غائبة دوماً عن الجنوب”، آملاً في “التفاتة منها تجاه أبنائها الذين لم تقف إلى جانبهم يوماً”، واضعاً مصير إتفاق وقف إطلاق النار في عهدتها “فهي المسؤولة وملزمة بمتابعته مع لجنة المراقبة”.