قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “في ظل الظروف الخانقة التي يمر بها لبنان، وتمر بها أيضًا عاصمتنا الحبيبة بيروت، وعندما نتحدث عن بيروت لا نتحدث عن مدينة عادية على شاطئ البحر المتوسط، إنما نتحدث عن بيروت التاريخ والحضارة، وكل القيم الإنسانية الكبيرة، بيروت هي قلب كلٍّ منا، وفي قلب كلِّ لبناني، وعلى الأخصّ أهلنا في الطريق الجديدة، وبيروت أيضًا في قلب كلِّ عربي، كلنا ترعرعنا في هذه المنطقة العزيزة علينا جميعًا، وهي جزء أساسي ومهم من تاريخنا الذي نفتخر فيه. وإذا استعرضناه معًا نرى أنَّ مصر الدولة العربية الكبيرة الشقيقة هي في قلب بيروت، وفي قلب الطريق الجديدة، والشاهد على ذلك جامعة بيروت العربية، ونحن حرصاء جدًا على أن تكون الطريق الجديدة منطقة عيش واحد وعيش مشترك بين جميع أبنائها، ونطمح أيضًا في ظل الظروف الصعبة أن تكون منطقة آمنة مستقرة، لا فوضى فيها ولا شغب، لأنَّ ما يجري في الطريق الجديدة إن كان حسنًا انعكس على كلِّ بيروت، وإن شابتها شائبة تأثرت بيروت كلها، لذلك علينا جميعًا أن نحرص على هذه المنطقة الغالية كما نحرص على كلِّ المناطق البيروتية، لأن بيروت هي واجهة لبنان، وهي تشكل مع المدن الساحلية الكبيرة من أقصى الشمال مرورًا بطرابلس، فبيروت، فصيدا، فصور، كلها مدخلنا إلى العالم، وكلها مدخل العالم إلينا. هنا ولدنا، وهنا نشأنا، وهنا ترعرعنا، ولا نستطيع مطلقًا أن نفرط في القيم التي تربينا عليها، وقوى الأمن الداخلي حريصة دائمًا على ضبط هذه الأمور المخلة بالأمن والمضرة بالمواطنين في آن”.
اضاف دريان خلال احتفال تكريمي له بدعوة من الأمين العام للاتحاد العمالي العام ونائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي سعد الدين حميدي صقر في دارته في الطريق الجديدة: “وصيتي لكم جميعًا في ظل هذه الظروف، وفي ظل ما يجري في الداخل، وما يجري في المحيط، أن نتكاتف معا، فلا سند لنا بعد الله سبحانه وتعالى إلا أن نكون موحَّدين متَّحدين، كي نتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا، وهذا لا يكون إلا بالتآلف والتعاضد ووحدة الصَّفَ والتَّحابب والتعاون، لأن هذا الأمر يعصمنا كثيرًا من الويلات ومن الزلات ومما هو أصعب في مستقبل الأيام”.
وتابع: “نحن كلبنانيين وعرب، متمسكون تمسكا تامًا شامًلا وعامًا بعمقنا العربي. بيروت كانت دائمًا مفتاح العلاقة مع الدول العربية، ونحن أوفياء لهذه العلاقة، عمقنا اللبناني ينبع من عمقنا العربي، ولا أحد يستطيع أن يلغي هذا الرابط القوي. علاقتنا بالقاهرة، بالرياض، بسائر العواصم العربية يجب أن تكون علاقات أكثر من مميزة، نحن بحاجة إليهم، وهم بحاجة إلى بيروت الثقافة، بيروت الحضارة والتاريخ”.
واردف: “إخواننا الكرام، في كلِّ زيارة لي إلى الدول العربية، كنت أؤكد دائمًا على حسن العلاقة بين كلِّ الدول العربية الشقيقة وبين لبنان. فلا وجود للبنان بدون العلاقات الأصيلة، والوفية، والقوية مع محيطه العربي. يريد البعض أن يسلخ لبنان عن محيطه، أنا وأنتم والجميع لهذه الأهداف المشبوهة بالمرصاد، العالم العربي وخصوصًا الدول التي تقف معنا هي في قلوبنا جميعًا، ونحن لها أوفياء، وأنتم تعلمون جيدًا معنى الوفاء في العلاقات الإنسانية”.