لا تزال المناخات السائدة في أروقة إدارة الرئيس دونالد ترامب، تركِّز في لبنان على عنوانين لا ثالث لهما ومتلازمين في المسار، سواء لجهة التطبيق أو لجهة التوقيت، وإن كانت الأجندة لا تزال غير مُعلنة، على الأقل على الساحة اللبنانية، التي تقارب ملفاتٍ شائكة ومعقّدة دفعةً واحدة. وينقل زوار العاصمة الأميركية معلوماتٍ تؤكد وجود “تشدّدٍ لدى هذه الإدارة حول شرطي الإصلاح وحصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية، مع استمرار الإهتمام الأميركي بالملفات اللبنانية، بدلالة الضمانات التي لم يتمّ كشف النقاب عنها، والتي أمنّتها واشنطن لليوم الإنتخابي الأخير في الجنوب، حيث تراجع منسوب الإعتداءات “الإسرائيلية”، ولكن من دون أن تمنع هذه الضمانات “إسرائيل” من استئناف خروقاتها، لوقف النار بعد إقفال صناديق الإقتراع في المدن والبلدات الجنوبية”.
ويتحدث زوار واشنطن لـ “الديار” عن “انشغال الديبلوماسية الأميركية بأكثر من ملف إقليمي في وقتٍ واحد، واهتمامها الرئيسي بالأوضاع في قطاع غزة وفي سوريا، إنما من دون أن يعني ذلك إهمال ما يجري على الساحة اللبنانية أخيراً”. وعليه، فإن ورقة لبنان حاضرة على طاولة الخارجية الأميركية. ولكن بالتوازي يستخلص زوّار واشنطن، من خلال مداولاتهم مع ديبلوماسيين على تماس مع الملف اللبناني، بأن “بيروت ما زالت تحت المجهر الأميركي، بمعنى أن الرقابة الدولية مستمرة، ولن تُرفع إلاّ بعد استكمال كل الخطوات والإجراءات السياسية والمالية والأمنية، المتعلقة ببسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافةً، وتطبيق القرار 1701 والإصلاحات المالية الضرورية لإطلاق عملية التعافي وإعادة الإعمار”.
وفي الإشارة إلى التحوّلات الأخيرة في الموقف الأميركي، لجهة التشدّد الذي عبّرت عنه نائبة موفد الرئيس ترامب إلى المنطقة مورغان أورتيغاس، يقول زوار واشنطن، إنه “لا يمكن إنكار واقع التشدّد الذي ظهر، من خلال الإصرار على حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية شمال وجنوب الليطاني أولاً، وعبر الإتجاه نحو تعديل وتوسيع مهمات وصلاحيات قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب، عشية التجديد لها من قبل مجلس الأمن الدولي في الأسابيع المقبلة”.
أمّا على مستوى الترابط ما بين التجديد لقوات الطوارىء وتنفيذ الـ 1701، فمن اللافت مع كل تجديد لمهام قوات الطوارىء تتكرّر الشروط الأميركية. ولذا، فإن الموقف الضاغط الجديد، يأتي في سياق ما تعتبره واشنطن، تأخيراً في تطبيق بند حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية، حيث يبرز تركيز لدى الإدارة الأميركية على إنجاز الملفات الإقليمية، في ضوء التحوّلات الأخيرة التي عبّرت عنها زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، والصفقات الإستثمارية التي وقّعها. وبالتالي يعتبر زوار واشنطن أن “هذا المناخ يفرض على المسؤولين اللبنانيين، العمل على التقاط فرصة التركيز الأميركي، من أجل عدم إضاعة هذه الفرصة، ولكي تكون السبل واضحة أمامه، ليصبح جزءاً من هذه الصفقات السياسية والإستثمارية”.
وبناءً على هذه المعطيات، تندرج التحذيرات من تفويت مزيد من الفرص التي مُنحت حتى اليوم، للخروج من الأزمة التي تشعّبت، حتى مسّت مختلف وجوه حياة اللبنانيين في مختلف مناطقهم، وعلى مستوى طوائفهم ومشاربهم، حيث يشدّد زوّار العاصمة الأميركية على أن “هذه الفرص غير متاحة في كل آن وأوان”.
ولتبرير الربط بين هذه الإتجاهات الأميركية، وما يُسجل من ضغوطٍ وتشدّد في الآونة الأخيرة، يعتبر هؤلاء أنه “من المفيد التحذير من أنّ كل هذا الحراك الإقليمي الناشط يجري على وقع جمود في ملفات لبنان، حيث لا موعد واضحاً بعد لزيارة أورتيغاس، كما ما من حديث جدّي ومفيد عن مستقبل الوضع في الجنوب وإعماره، بانتظار أي تطورات عملية على مستوى الداخل اللبناني، حيث يجري التركيز حالياً على تسلم الدولة اللبنانية أمن المخيمات والسلاح الفلسطيني مطلع حزيران المقبل، تزامناً مع تسلّم الجيش اللبناني مواقع عسكرية تابعة لحزب الله جنوب الليطاني”.