خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
بعد الزيارة الاولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان وما نُقل عن الوفد المرافق حول طرحه عقداً مشتركاً جديداً بين اللبنانيين، لاقى هذا الطرحُ العديد من التفسيرات، وتوالت مواقفُ الفرقاء السياسيّين منها: عدمُ ممانعة رئيس مجلس النواب نبيه بري إجراء تعديلات دستورية، انفتاحُ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على أي نقاش هادئ للوصول الى عقد سياسي جديد لكنه ذكّر بالمواقف من المؤتمر التأسيسي، دعوةُ التيار الوطني الحرّ الى دولة مدنية ولامركزية موسّعة، إعلانُ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بدوره تأييده اللامركزية الموسّعة. أما تيار المستقبل الذي يؤكد في غالبية بياناته أهمية الطائف فيرى أن ليس ببساطة يتم تعديل هذا الاتفاق. غير أن أياً من الاحزاب اللبنانية لم يتحدّث يوماً عن المواد الدستورية التي تعرقل الحكم في لبنان بعد كلّ الأزمات المتتالية التي شهدها لبنان، الا بالمفرّق.
ما هي المواد الدستورية التي هي بحاجة الى تعديل وفق رأي الخبير الدستوري والباحث السياسي الدكتور عادل يمّين؟
يؤكد يمّين لـ”المدى” ضرورة فرض مهل لتأليف الحكومات وتوقيع المراسيم وضمان دورية انعقاد مجلس الوزراء، كما يدعو الى تخويل نائب رئيس الحكومة صلاحيات رئيس الحكومة في حال غيابه أو تعذر آداء مهامه ولكن من دون الصلاحيات اللصيقة بشخص رئيس الحكومة وخصوصاً على صعيد جعل الحكومة مستقيلة بمجرد استقالته.
كما يقتضي بحسب يمّين، تخويل رئيس الجمهورية منفرداً حقّ إقالة الحكومة عندما تفقد ميثاقيّتها، وحق حلّ البرلمان لمرة واحدة في عهده على الاقل، وكذلك حق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد استثنائياً كلما رأى حاجة لذلك من دون أن يكون مضطراً للحصول على موافقة رئيس الحكومة.
وفي ما يتعلق بمسألة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يرى يمّين أنه يجب توضيح موضوع النصاب وكذلك البديل في حال لم يتأمّن النصاب لانعقادها، معرباً عن اعتقاده بأن الحلّ الأمثل في هذه الحال يكون بجعل انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب مترافقاً مع تأمين ضمانات ميثاقيّة تمنع حصول غلبة عدديّة طائفيّة في ضمان فوز أي مرشح.
تعديلات الطائف أثبتت على مدى 3 عقود ابقاء مآزق من دون مخارج يقول يمّين، معتبراً أن ما طرحه من شأنه سدّ الثغر الموجودة في الطائف ولا يمسُّ بالتوازنات الطائفيّة ويهدف الى بناء نظام لا يُعَطَّل، وذلك من خلال مهلٍ ومنعِ تعسّفِ المسؤولين في استعمال حقوقهم الدستورية لتعطيل قرارات مجلس الوزراء.
ويصبح رئيسُ الجمهورية، بحسب يمّين، بعد هذه التعديلات، المرجعيّة القادرة على إخراج البلاد من المآزق مع صلاحيات تحكيميّة فاعلة بعيداً عن نمط الجمهورية الاولى، فيما تبقى السلطةُ التنفيذية بيد مجلس الوزراء.
ويختم يمّين قائلا: “إن من يتطلّع الى مصلحة لبنان يجب أن لا يقف عائقاً أمام هذه الاقتراحات لأنها تؤمّن عمل المؤسسات ونظاماً يقوم على التشارك من دون تشابك بين المواقع الرئاسية والسلطات، واعتقد أننا بحاجة الى السير بهذه التعديلات أو بتعديلات مماثلة لبناء نظام يعمل ولا يتعطّل”.