عندما تغرق شوارع الميناء ومدينة طرابلس، ويتحول كورنيش الميناء الى نهر جارف ومياه الامطار تغرق اسواق الميناء وطرابلس فهذا يعني ان الفساد قد استشرى وبلغ ذروته في عاصمة الشمال طرابلس المدينة التي كانت درة مدن المتوسط قبل أن تتحول الى مدينة منكوبة بكل تفاصيلها المعيشية والتجارية والاقتصادية رغم ان فيها نواب ثمانية وقيادات سياسية ثرية تصرف المليارات في المواسم الانتخابية لشراء الذمم بدلا من صرف هذه المليارات لانماء واعمار مدينتهم وتوفير فرص عمل لمئات الشباب بتأسيس مشاريع انتاجية واحياء المعامل التي تحيي المدينة واهلها وتمنع عنهم شر العوز والفقر والتسول عند اعتاب نواب وقيادات لا يتعرفون الى اهلهم الا عند الحاجة اليهم.
مناظر السيول التي أغرقت طرابلس والميناء مثير للغضب والاستنكار وتكشف حجم الاهمال في الادارة المحلية قبل وزارة الاشغال التي اعتاد الطرابلسيون على اهمالها لمدينتهم بل وللشمال كله.
فموسم الشتاء دخل من باب الامطار الغزيرة والخير مقبل لا محالة ، واذا كانت البداية سيولا فكيف ستكون حال المدينة في الايام المقبلة، وكأن هذه الادارة المحلية تنتظر وقوع الكارثة لتبادر الى القيام بواجباتها بدلا من استباق الكارثة بتنظيف المجاري الصحية وقنوات المياه ومجاري الامطار تفاديا للسيول.
شوارع طرابلس والميناء التي غرقت بمياه الامطار في الاساس شوارع رديئة مليئة بالحفر والحفريات التي لا تنتهي وهذه الحفريات بحد ذاتها احدى ابرز اسباب تخريب هذه الشوارع التي يعاد ردمها باسوأ اشكال الردم الذي يفضح اساليب الشركات المتعهدة في نهب الاموال المرصودة للشوارع دون رقيب وحسيب.
حين يتجول المرء في شوارع طرابلس والميناء لا بد من الخروج بجملة ملاحظات ابرزها:
اولا: ان الاهمال سيد الساحات في عاصمة الشمال وبالتالي فهو دليل على فساد واستهتار بمصالح المواطنين.
ثانيا: ان طرابلس مدينة معزولة ومتروكة لقدرها وسط لامبالاة السلطة السياسية المركزية.
ثالثا: ان معظم المواطنين بلغوا بالفعل مرحلة الكفر بنواب المدينة ونزع الثقة عنهم جراء اهمالهم ووقوفهم موقف المتفرج على مدينة تنازع وتحتضر وما اقفال مؤسسات وشركات ووكالات عالمية الا دليل على ذلك.
وطرابلس حاليا تعيش حالة من التخبط والفوضى في شوارعها واحيائها وتفلتا في ساعات الليل التي تشهد فيها اعمال سرقات يومية لسيارات ولمحلات وما ذلك الا احدى الادلة على ما آلت اليه طرابلس فتدخل موسم الشتاء ليزيد من حالة المعاناة عندما تتحول منازل في احياء شعبية الى مستنقعات وبحيرات ويغرق اثاث المنازل بالمياه بعد ان اصبحت المدينة نموذجا للبؤس والشقاء بارتفاع منسوب البطالة وزيادة عديد جيش العاطلين عن العمل.
يلقي معظم المواطنين مسؤولية الكوارث على اهمال المسؤولين وعلى نواب لم يبادروا الى اليوم لانقاذ مدينتهم من مسار الانحدار المتسارع في يومياتها البائسة.