خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
الدولار الشغل الشاغل للّبنانيين، فبعد ارتفاعِه حوالى عشرة آلاف ليرة في غضون حوالى عشرة أيام، عاد ليسجِّلَ انخفاضاً بالنسبة عينِها في خلال عشر ساعات. ما هي الاسباب وما هو المنتظر؟
اذا، ووسط توقعات بتدهور اضافي في سعر صرف الدولار في السوق الموازية مع انطلاق العمل بتعميم مصرف لبنان في البنوك الاثنين، وبالتالي تسهيل تأمين الدولارات عبر منصة “صيرفة” للراغبين عبر تطبيق التعميم161، في المقابل، يرى خبراء أن مفاعيل هذا التعميم موقّتة وغير مجدية لان المشكلة في لبنان ليست نقدية حصراً.
وعن سبب التذبذب في سعر الدولار، يجيب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور لويس حبيقة، لافتاً الى أن التذبذب وصفٌ مناسب لما جرى، لأن لا سبب محدداً لصعود وهبوط الدولار في خلال الساعات الماضية.
ويقول حبيقة ل”المدى” إن صعود الدولار خلال ايام قليلة بهذه النسبة أمر غير طبيعي، لكنّ هبوطه أيضاً أمر غير طبيعي بشكل أكبر. ويسأل: ما الذي تغيّر في البلاد في خلال هذه الساعات القليلة ليهبط الدولار برقم كبير؟! ويضيف حبيقة إن المصرف المركزي يأمل أن هذا التعميم الذي سيسهّل على الناس الحصول على الدولار سيؤدي الى توحيد سعر الصرف، وهذا الامر ربما يكون ممكناً في حال كان المصرف يمتلك الدولارات اللازمة للتدخّل والمواجهة، لكنني أشكّك في ذلك.
ويشير حبيقة الى أنه يتم التدخّل في السوق الموازية باستخدام الدولارات من حقوق السحب الخاصة التي منحها صندوقُ النقد للبنان، ولكنّ هذه المبالغ ستُستنفد لأنه يَجري السحبُ منها باستمرار بحسب قوله، أما الامر الثاني المرجَّح فهو استخدام التحويلات من الخارج، مستبعداً أن يكون السحب الحاصل من الاحتياطي الالزامي لأن ذلك بمثابة اللعب بالنار، على حدّ قوله. ويتابع إن الناس سيشترون الدولارات من “صيرفة” وسيذهبون لبيعها لدى الصرافين، وسيحققون بعض الارباح، كما أن اللافت أن ما جرى يتزامن مع نهاية أيام الشهر مع اقتراب موعد صرف الاجور، وبالتالي فإن الشركات التي تحقّق الارباحَ بالليرة اللبنانية ستلجأ الى شراء الدولارات عبر “صيرفة”، لتقوم بصرفها في السوق الموازية، وتحقق بدورها أرباحاً أكبر، “فدوماً الاسماك الكبيرة تأكل الأسماك الصغيرة في كل دول العالم”.
ويؤكد حبيقة أن هذه المعالجات من خلال التعاميم لن تجدي نفعاً، فهذا الهبوط السريع لسعر صرف الدولار سيقابله ارتفاعٌ سريع متوقَّع بعد بضعة أيام، عندما يتبيّن أن المركزي لا يمتلك الدولارات الكافية للمواجهة في السوق الموازية.
وردا على سؤال، يرى حبيقة أن تعاميمَ مماثلة لم تكن لتجديَ نفعاً لو تم اعتمادها في بداية الازمة المالية، عندما كانت الثقة ما تزال متوفرة الى حدّ ما بالوضع النقدي والاقتصادي في لبنان، ويُعيد السببَ الى أن المشكلةَ في البلد أكبر من ذلك، فهي ليست نقدية فحسب، لا بل كانت اي تعاميم مماثلة ستؤجل الانهيار فقط.
اذاً، المعالجاتُ الراهنة عبر منصة صيرفة غير مفيدة، بل هي بمثابة وصفة مسكّنات لمريض مصاب بمرض خطير، يقول حبيقة، فالمشاكل متعددة في لبنان من سياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية واخلاقية.