خاص المدى جنان جوان أبي راشد
الجيشُ اللبناني حامي الوطن واستقلالِه تعبيرٌ من المفترض أن لا يكون مجرّد كلمات نردِّدُها عند كلّ محنة، هذا الجيش يعاني اليوم وعشية الاستقلال كسائر اللبنانيّين، من أقسى الظروف المعيشية مع تدنّي القدرة الشرائية، وخصوصاً أن رواتب معظم جنودِه وضباطِه لا تتعدّى ال100 دولار.
بحسب تقرير للبنك الدولي صدر في تموز الماضي يواجه الجيش اللبناني ضغوطاً غير مسبوقة على قدراته العملانيّة، كما حذرت فرنسا من أن الجيش اللبناني “ربما لم يعد قادرًا على تنفيذ مهامه الضرورية”، إلا أن هذا الجيش ما زال صامداً حتى اليوم على الرغم من كلّ العواصف، فما هي الاوضاعُ المعيشية التي يمرّ بها أفرادُه فيما لبنان بأمسّ الحاجة الى دورِه للحفاظ على استقراره الداخلي بعد جولات عنف ذكّرت بالحرب الاهلية، وبعد ازدياد مخاطر الانفجار الاجتماعي مع تزايد الفقر؟
هل من معالجاتٍ وتصحيحٍ لرواتب العسكريين أم أنّ الأمر لن يتعدّى المساعدات؟ وما هي الضروريات كي لا يؤثر الوضعُ المعيشي على الروح المعنوية للجنود؟
بعد تحذير قائد الجيش العماد جوزيف عون في آذار الماضي من أن الجنود “يعانون مثل باقي اللبنانيين”، واشارتِه الى أن راتب العسكري بات أقل من 100 دولار فيما الواجباتُ كثيرة، كيف هو واقع العسكر؟
بديل عن بدلات للنقل
على صعيد النقل، وفي حين لا يتقاضى العسكريّون بدلات نقل كسائر الأُجراء والموظفين، هناك حالياً عددٌ من الباصات العاملة والتي تنقل العسكر ممّن يعملون وفق نظام الدوام، إلا أنه جرى من خلال هبات مقدَّمة من عدد من الدول تأمينُ عددٍ إضافي من الباصات ستوضَع قريباً جداً في السير، بهدف نقل أفراد الوحدات العاملة على الأرض وفق نظام خدمة، ومن شأنها الحدّ من مشقّة تنقلّاتهم الى مراكز عملهم وفق خطة لنقل أكبر عدد ممكن منهم، بحسب معلومات “المدى”.
تخفيض الدوامات
واضافة الى ذلك، جرى تخفيضُ دوامات العسكريين من خلال تخفيض عدد أيام الدوام والخدمة الأسبوعية، وذلك على إثر اجراءات الوقاية من كورونا، وقد سرى ذلك على الفترة التي تلتها نظراً الى الاوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع كلفة النقل.
وعن إمكان لجوء المؤسسة العسكرية الى نقل العسكر الى مراكز قريبة من أماكن سكنهم، تقول مصادر المؤسسة إنها عملية لوجستية صعبة جداً، لأن غالبية الجنود من مناطق في الأطراف.
الاتحاد العمالي طالب بمبلغ مقطوع شهرياً
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر اعلن ل “المدى” انه الى جانب المبلغ المقطوع الذي تم الاتفاق عليه، ويساوي نصف راتب على مدى شهرين للقطاع العام، بمن فيه العسكريون عن تشرين الثاني وكانون الاول، طالب رئيسَ الحكومة نجيب ميقاتي بمبلغ مقطوع وقدره مليون ونصف المليون ليرة، لعناصر وضباط الاجهزة الامنية والعسكرية كافة، وذلك كبدل نقل ومن خلال كتاب خطي.
هل يمارس الجنود والضباط أعمالاً خارج الخدمة؟
أما عمّا يتردّد عن السماح للعسكر بتأدية أعمال خارج السلك العسكري، فبحسب معلومات “المدى” يتمّ غضُّ النظر عن أعمال حرّة يقوم بها بعض العسكريين بدوام جزئي مع أقاربهم او أصدقائهم.
هل تتحوّل المساعدات الى مبالغ ماليّة؟
على صعيد المساعدات الغذائية، وبحسب المعلومات عينِها، فإنه عقب مؤتمر باريس حول دعم الجيش في 17 حزيران الماضي، بدأت دولٌ عدة بإرسال كميات منها، لكنها كميات محدودة يتمّ توزيعُها على العسكر في فترات متفاوتة وليست بكافية، فهناك مساعداتٌ شهرية ترسلُها دولة قطر على سبيل المثال، في حين أن دولاً أخرى تبعث بمساعدات لمرة واحدة فقط أو في أوقات متقطعة،
أما ما تطمح اليه القيادةُ حالياً فهو الحصول على مساعدات دولية مالية للعسكر، ولكنّ ذلك بحاجة الى تخطي عقبة تأمين إطار قانوني لهذه المسألة، كون القوانين في العديد من الدول تمنع المساعدات المادية التي تتعدّى الأسلحة والتدريب، وهو ما ألمح اليه قائدُ الجيش منذ أيام عندما أعلن أن الدول التي تدعم الجيش «تسعى إلى إيجاد صيغة قانونية تتيح تقديمَ المساعدة بما يتلاءم مع حاجاتِ العسكريين الضرورية والملحّة”.
الطبابة والدواء
على صعيد الطبابة، هناك اهتمام خاص بها بحسب المعلومات، فالمساعدات المالية برمّتها يتمّ تحويلُها لتأمين هذه الخدمة على أفضل وجه، أكان في المستشفى العسكري، أو لناحية تأمين فروقات الاستشفاء في المستشفيات الخاصة في حال لم تكن الخدمة متوفرة في المستشفى العسكري. وعلى صعيد الادوية فهي شبه مجانية.
حالات الفرار
عن حالات الفرار، تفيد المعلوماتُ بأن الأرقام المتداولة غير صحيحة ويتمّ تضخيمُها، فالعناصر غير المنضبطة كانت موجودة دوماً وليس فرارها بسابقة، وتعلن عن عروض عمل تلقاها جنود وضباط في الخارج ويطالبون بالتسريح، لكنّ العدد ليس لافتاً، في حين أن هناك في المقابل عددٌ كبير من طلبات الاسترحام للعودة الى صفوف الجيش اللبناني، الملاذ للبنانيين ولأبناء المؤسسة العسكرية.
عند كل تهديدٍ للاستقرار على غرار أحداث الطيونة، يُجمع السياسيون على اختلاف انتماءاتهم الحزبية على ضرورة تدخّل الجيش لتجنُّب سقوط لبنان في الفوضى، فهل من التفاف سياسي جِدّي حول الجيش يُضاف الى الالتفاف الشعبي في خلال أسوأ ظروف اقتصادية يواجهُها؟