ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عوده خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، وقال في عظته: “كَــمـــا يَــثـــورُ الإِنــســـانُ عــلـــى الــخَــطــيــئَـــةِ ومُــسَــبِّــبِــهـــا، فَــيَــتَــحَـــرَّرُ، هَــكَـــذا ثــارَ الــلــبــنــانــيــون كــي يَــتَــحَـــرَّرَ بَــلَـــدُهــم، بِــثَـــوْرَةِ شَــعْــبِـــهِ، مِــمَّـــن يَــســتَــعْــبِـــدُ الــمُـــواطِـــنَ ويُــكَــبِّــلُـــهُ بِــسَـــلاسِـــلِ الأَزَمـــاتِ والـــذِّلِّ والــظُّــلْـــمِ والــتَّــبَــعِـــيَّـــة. مَــرّتْ الــسَّــنَـــواتُ عــلـــى ثَـــوْرَةٍ صــارَتْ ذِكـــرى، لأَنَّ الــمُـــواطِـــنَ شُــغِــلَ بِـــأَمْــنِـــهِ الــصِّــحِّـــيِّ والــغِـــذائِـــيِّ والاقْــتِــصـــادِيِّ، فــنــســيَ الــمُــطـــالَــبَـــةَ بِـــالــحُـــرِّيَّـــةِ، والـــثَّـــورَةَ عــلـــى الــمُــسْــتَــعْــبِـــديـــن”.
واضاف عوده “الــصــراعُ الــســيــاســيّ، والــتــنــافُـــسُ عــلــى اغــتــنــامِ الــفُــرَصِ مِــنْ أجــلِ تــحــقــيــقِ الــمــصــالــحِ، والــســجــالاتُ الــعــقــيــمــةُ، كــلُّــهــا أوصَــلَــتْــنــا إلــى هــذا الإهــتــراءِ فــي الــمــؤســســاتِ وفـي الأخـلاق. ويــعــودُ الــحــديــثُ عــن إمــكــانــيــةِ الــوصــولِ إلــى الــشُــغــورِ فــي سُــدَّةِ الــرئــاســةِ وكــأنّــه أمــرٌ مَــقــبــول. هــذا الــوضــعُ، إنْ دَلَّ عــلــى شــيءٍ فــعــلــى تـقْـصـيـرِ الـمـجـلِـسِ الـــنـيــابِــيّ، وعـلـى جــفــافِ الــمــمــارســةِ الــســيــاســيّــةِ وتَــراجُــعِــهــا، ومَــحْــوِ صــورةِ لــبــنــان الــديــمــقــراطــيّ الــمُــشــرِقــة الــتــي كــان عــلــيــهــا فــي غــابــرِ الأيــام. مــاذا يــمــنــعُ انــتــظــامَ الــحــيــاةِ الــديــمــقــراطــيــةِ، وســيـادةَ الــدســتــورِ عــلـى الــحــيــاةِ الــســيــاســيـة، وتَـداوُلَ الــســلــطــةِ فــي الأوقــاتِ الــمــحــدَّدَةِ، دون خَــضّــاتٍ أو تــأخــيــرٍ أو تــعــطــيــل؟ وكــيــف يــوضــعُ حــدٌّ لــقِــصَــرِ نَــظَــرِ الــطــبــقــةِ الــســيــاســيــةِ والــتــفــاتِــهــا إلــى مــصــالــحِــهــا ومــســتــقــبَــلِــهــا الــســيــاســيّ، عِــوَضَ الــتــفــكــيــرِ بــمــســتــقــبــلِ الــبــلــدِ وأبــنــائــه؟ هــل يُــدرِكــون أنّ الأشـهُــرَ أو الــســنــيــنَ الــتـي ضـاعَــتْ وتَــضــيـعُ قــبـلَ انــتــخــابِ رئــيــسٍ أو تــشــكــيــلِ حــكــومــةٍ هــي دهــورٌ تَــشُــدُّ هــذا الــبــلــدَ، الــذي كــان ديــمــقــراطــيــاً وراقــيــاً ومُــتــطــوِّراً، إلــى الــوراء؟”.
وتابع “مــؤســفٌ الــتــســلــيــمُ بــالــفــراغِ والــتـهــديــدُ بــمــا هــو أبــعــدُ مِــنَ الــفــوضــى الــدســتــوريــةِ والإجــتــمــاعــيــة، وكــأنّ هــذه الــفــوضــى ســتــطــالُ فـــئــةً دون أخــرى، أو ســتــؤذي مــصــالـحَ فــئــةٍ دون أخــرى. ألــيــســتْ الــفــوضــى كــارثــةً عــلــى كــلِّ الــبــلادِ وكــلِّ الــمــواطــنــيــن؟ ومــاذا نَــجــنــي مِــنَ الــفــوضــى ســوى الــمــزيــدِ مــن الــفَــقــرِ والــجــوعِ والــبــؤسِ والــيــأسِ والــخــراب؟ لــذلــك تَـقـعُ عـلـى الـنـوّابِ مـسـؤولـيّـةٌ كـبـيـرةٌ، إنْ أحْـجـمـوا عَـن الـقـيـامِ بـهـا يـكـونـون كَـمَـنْ يَـنْـحَـرُ وطـنَـه، وإنْ كـانـوا واعـيـن خـطـورةَ الــوضـعِ، فَــلْـــيُــغـــلِــقـــوا عـلـى أنــفُـــسِـهــم فـي قـاعـةِ الـمـجـلِـسِ ولا يَــخــرُجــوا مِــنـهـا قــبــلَ انـتـخـابِ رئـيـس”.
وختم عوده: “أمــلُــنــا أنْ يَــعــي الــجــمــيــعُ دِقَّــةَ الــوضْــعِ، وأنْ يــبْــذُلــوا كــافــةَ الــجُــهــودِ مِــنْ أجــلِ انــتــخــابِ رئــيــسٍ دونَ مُــمــاطَــلَــةٍ أو تــعــطــيــل”.