مع ان عناوين المحادثات الفرنسية – اللبنانية التي تفرغ لها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا مجددا امس مع كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون، كانت معروفة ولا شك في أهميتها القصوى، فان تزامن “مصادفة” اليوم اللبناني مع الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية لم يقلل من أهميته بل بالعكس ابرز الادراك الفرنسي والاستشعار التصاعدي لدى باريس حيال الخطورة التصاعدية المتدحرجة للمواجهات الضارية الجارية بين إسرائيل و”حزب الله” في الجنوب اللبناني وشمال إسرائيل. ذلك ان باريس التي دأبت ولا تزال تدأب على اطلاق التحذيرات في كل مناسبة من انفجار حرب واسعة بين إسرائيل و”حزب الله”، بدت كأنها اندفعت بقوة مجددا نحو محاور البركان اللبناني الذي يتهدد الداخل والحدود، ان باستمرار المواجهات الميدانية جنوبا وان بتعقيدات الازمة الرئاسية – السياسية داخليا، واعادت طرح دورها على المشهد. ولعل الإشارة الى ما تحدث عنه ماكرون عن توافق فرنسي – أميركي على مقاربة الحلول المقترحة للبنان تختصر مجمل الحركة الفرنسية المتجددة اذ تركت انطباعات واضحة حيال تحفز فرنسا لعدم ترك الولايات المتحدة “تستفرد” بالدور المحوري الذي من شأنه رسم مسارات الحلول ان جنوبا وان حدودا وان رئاسيا، كما امكن التقاط مغزى اثر التنسيق المتجدد بين باريس وواشنطن بعد زيارة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان لواشنطن ولقائه كبير مستشاري الرئيس الأميركي لامن الطاقة وموفده الى لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين .
وفي المعلومات الرسمية التي وزعها الجانب اللبناني ان الرئيس ماكرون جدد تأكيد دعم فرنسا الجيش اللبناني في كل المجالات، والتشديد على الاستقرار في لبنان وضروة ابعاده عن تداعيات الاحداث الجارية في غزة. واعاد تأكيد المبادرة بشأن الحل في الجنوب والتي كانت قدمتها فرنسا في شهر شباط الفائت، مع بعض التعديلات التي تأخد بالاعتبار الواقع الراهن والمستجدات. كذلك جدد الجانب الفرنسي التأكيد على اولوية انتخاب رئيس جديد للبلاد والافادة من الدعم الدولي في هذا الاطار لاتمام هذا الاستحقاق والموقف الموّحد للخماسية الدولية. وجدد الجانب الفرنسي التأكيد ان فرنسا تدعم ما يتوافق بشأنه اللبنانيون وليس لديها اي مرشح محدد، مشيرا الى توافق الجانبين الفرنسي والاميركي على مقاربة الحلول المقترحة.
كما تطرق البحث الى موضوع النازحين السوريين في لبنان، فوعد الجانب الفرنسي بالمساعدة في حل هذه المشكلة على مستوى الاتحاد الاوروبي.
ونقلت “النهار” عن مصدر فرنسي رفيع ان دعوة رئيس الحكومة وقائد الجيش كانت بهدف منع توسيع الحرب الى لبنان وان رئيس الحكومة هو المسؤول عن نقل الرسالة الفرنسية بضرورة التهدئة والمهم بالنسبة الى فرنسا هو ان ينسحب “حزب الله” الى ما وراء الخط الأزرق وان ينتشر الجيش اللبناني الذي يحتاج الى مساعدات ومعدات لتحقيق هذا الانتشار، وهذا ما حصل عليه من الاتحاد الأوروبي الذي قدم مساعدات للبنان بمليار يورو منها المساعدات الى الجيش. ويقول المصدر الفرنسي ان القلق الفرنسي يأتي من ان إسرائيل لن تتحمل قصف “حزب الله” دون الرد وخصوصا منذ ان هاجمت إسرائيل غزة، يعني انها لن تترك “حزب الله” يقصف دون أي رد. وميقاتي لديه الورقة الفرنسية للتهدئة ووافق على العمل عليها وهذا جيد. وفرنسا تريد العمل مع الاميركيين والشركاء العرب.