عقد العلّامة السيّد علي فضل الله لقاءً حواريًا في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك، تحدث فيه عن “العصبية وآثارها السلبية في المجتمع”، ومن ثم أجاب خلاله على عدد من الأسئلة والاستفسارات …
في البداية، تحدث فضل الله عن موقف الإسلام من العصبية، حيث أكد ان “الاسلام رفض منطق العصبيات سواء كانت عصبيّاتٍ عائليّةً، أو حزبية او شخصية أو مناطقية وغير ذلك”، مشيرا إلى أن “العصبيّة تجعل الإنسان يتحرّك غرائزيّاً، وتدفعه إلى أن يعادي كل الذين يختلف معهم”، مؤكدا أن “الإسلام اعتبر المتعصّب لا يحمل قيم الإسلام فهو يدعي احتكار الحقّ والحقيقة، وأنّه يملك اليقين والرّؤية الواضحة ويمثل الدين أو المذهب والوطن”.
وأضاف: “المجتمعات البشريَّة عرفت منطق التعصّب في كل مراحلها سواء على مستوى الأفراد والجماعات، بين عائلةٍ وعائلة، أو مدينةٍ ومدينة، وبين دولةٍ ودولة، أو بين شعبٍ وشعب، أو طائفةٍ وطائفة”، مشيرا إلى أن “التعصّب ليس من الفطرة الإنسانية، بل هو من عمل الشيطان. لذلك، لا يجتمع التعصّب والدّين تحت سقفٍ واحدٍ، ولا مع الحسّ الإنساني . وقد يتعصب الإنسان لاعتباراتٍ دنيوية زائفة لجاهٍ هنا أو زعامةٍ هناك أو مصلحةٍ خاصة ويقيم الحواجز مع من يختلف معهم”، مشيرا إلى أن “الاختلاف في الرأي أو في السياسة وغير السياسة هو حقّ مشروع، ولكن ما ليس مشروعاً، أن يحوّل أحدنا هذا الحقّ إلى منصّة لإطلاق الشّتائم أو التصريحات المستفزة أو التّشكيك في وطنية هذا المكون او ذاك…”.
وشدد على “ضرورة أن نحبّ الّذين نلتقي معهم، لنؤكّد مواقع اللّقاء على القيم والمبادئ، ونحبّ الّذين نختلف معهم، من أجل تأكيد لغة التّواصل والحوار، ونحبّ كلّ النّاس وبحيث نعمل على ان نحاصر كل الذين يفسدون لهم الحياة عندما لا يكون هناك مجالٌ لإصلاحهم”.
ورأى أن “المشكلة في واقعنا لم تكن أبداً من تنوّع الطّوائف والمذاهب والأحزاب، بل عندما نغلق الأبواب على بعضنا البعض، وننصب الحواجز والمتاريس فلا نتعارف ولا نتلاقى، ويرفض كلّ منّا الآخر برغم كلّ الإيجابيات الّتي تكون عنده، ونخسر كلّ ذلك الجوّ التعارفيّ الإيجابيّ، وهذا ما جعل الآخرين ينجحون في تعميق الهوّة في ما بيننا، من خلال العصبيّات الّتي تمزّقنا وتعمي أبصارنا عمّا يراد لنا”.
وقال: “تعالوا لأجل أن نفكّر بعقلٍ وتقوى ومسؤوليّة، وسنجد أنّ هناك أكثر من فرصةٍ للتّكامل والتّعاون والوصول إلى أهدافنا الكبيرة. وإعلاء ثقافة السّلام، والتصرّف كإطفائيّين، لإسقاط ثقافة الكراهية التي يروج لها البعض ويحرض عليها ويستخدم كل الوسائل من اجل تحقيق مصالحه الخاصة والذاتية”.
وختم: “هذا الوطن لا يبنى بمنطق التعصب وسياسة الإقصاء والعزل لهذا المكون او ذاك بل بتضافر جهود جميع أبنائه وتكاتفهم لمواجهة كل الضغوط التي تمارس ضد هذا الوطن فنحن جربنا في السابق سياسة العزل فماذا اثمرت الا القتل والتمزيق والانقسام داعيا إلى عدم تكرار تجربة الماضي حتى لا نندم من جديد وندمر بلدنا ونجعله ساحة للصراعات والفتن بدلا من ان يكون واحة للتلاقي والمحبة”.