“قانون قيصر” في محادثات الأتراك والإيرانيين

خاص المدى- جنان جوان ابي راشد

زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تركيا ولقاؤه نظيره مولود جاووش أوغلو غير مفاجئين، كون التنسيق بين البلدين مستمرّ منذ حوالى 8 سنوات، إلا أن إعلان الطرفين عن وجهة نظر مشتركة حول ملفَي اليمن وليبيا يعدّ لافتاً الى حدّ ما، وقد اعلن الوزير الايراني في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التركي ضرورة التعاون الاقليمي في مكافحة عدم الاستقرار والارهاب ورسم مستقبل افضل للمنطقة.
كيف يمكن قراءة هذه الزيارة في توقيتها ومضمونها، وخصوصا مع تمدّد أنقرة داخل سوريا والعملية التركية في العراق، وكيف ستكون انعكاساتها على المنطقة ولبنان؟ وهل حضر على الطاولة قانون قيصر؟
يؤكد الباحث في الشؤون الايرانية محمد صالح صادقيان أن الطرفين نجحا في ادارة الخلافات بينهما في خلال السنوات الماضية، موضحاً ان الزيارة تأتي في اطار التنسيق بما يمكن التنسيق حوله، ومن القضايا الرئيسة التي تمت مناقشتها محادثات أستانة المقبلة حول سوريا والاجتماعات التحضيرية لها.
ويشير الى ان “إيران تريد تعزيز مناطق خفض التوتر في سوريا واسراع الامم المتحدة في وضع آلية لكتابة الدستور السوري”.
ويكشف الباحث الايراني في حديث ل “المدى” عن أن قانون قيصر بُحث فعلاً بين الجانبين الايراني والتركي، معلناً أن “هذا الأمر تمّ بحثه كما قال ظريف الذي شكر تركيا في ما خصّ قضية التعاون في موضوع العقوبات الاقتصادية على ايران”.
ويعرب صادقيان عن اعتقاده بأن الأتراك معنيّون في مسألة “قانون قيصر”، وقال : “هم يعارضون النظام السياسي في سوريا، إلا أننا لا نعتقد بأنّ أيّاً من الدول الاقليمية ستتماشى مع الرغبة الأميركية في فرض العقوبات الاقتصادية على لبنان أو سوريا أو إيران.” ويعتبر أن “ليس من الواضح بعد كيف سيتعامل الأتراك مع هذا القانون الذي لا يخدم شعوب ودول المنطقة ومن بينها تركيا، لكننا نعتقد بأنهم مهتّمون به”. وأكد أن “السوق الشرق أوسطيّة في سوريا ولبنان والعراق وإيران مهمٌ جداً بالنسبة الى تركيا التي تبحث عن أسواق استهلاكية لبضائعها، وخصوصا أن مرحلة ما بعد كورونا ليست كما قبلها”، معبّراً عن اعتقاده بأن “السير بهذه العقوبات الأميركية لن يخدم الاقتصاد التركي”.
ويقرأ الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين بدوره في حديث ل “المدى” في زيارة ظريف أنقرة، ويعتبر أن “لا مؤشرات حالياً الى تفاهم تركي إيراني حول الملف اللبناني”، ويرى أن “الزيارة هي محاولة لاعادة رسم مسار التعاون بين تركيا وايران وروسيا في المنطقة”، على الرغم من إلغاء روسيا اخيراً زيارة وفد لها لأنقرة كان من المقرر أن يُجريَ خلالها محادثات مع المسؤولين الأتراك حول الملف الليبي بسبب الخلافات حوله.
ويلفت نور الدين الى أن الزيارة تأتي بعد تبدّل موازين القوى في شرق المتوسط وفي ليبيا لمصلحة تركيا في مواجهة خصومها في المنطقة، من السعودية الى مصر الى الامارات.
ويصف الزيارة ب”محاولة صياغة تفاهمات بين كلّ من تركيا وايران وروسيا في ما يتعلق بسوريا ومسار أستانة، وجزئياً في ما يتعلق بلبنان، وثالثاً في ما يتعلّق بالعراق.” ويعتبر أننا “لسنا أمام اتفاقات أو تحالفات بين تركيا وإيران، فالوضع السوري يعاني الجمود، فيما تركيا راضية إزاء وضعها على الأرض السورية وإزاء الخريطة الداخلية لسوريا وهي تقوم بتعزيز قواتها هناك.”
ويرى أن ايران وروسيا تريدان معرفة ما يدور في خُلد تركيا التي تعزّز حضورها في المنطقة من المتوسط الى ليبيا فسوريا، وسط خشية طهران من انعكاس المكاسب التركية العسكرية، في ظلّ تعاونها مع الولايات المتحدة، والتي تأتي بالتزامن مع اشتداد الضغوط الاقتصادية الاميركية على سوريا مع تطبيق قانون قيصر والانهيار الاقتصادي في لبنان”.
ويرجّح نور الدين بأن “لبنان ليس ساحة توافق أو تفاهم ايراني- تركي حالياً، بل هو ساحة تنافس، إذ إن “تركيا تنافس على الساحة اللبنانية وفي الملعب السنّي تحديداً”، وذلك في مواجهة مصر والسعودية والإمارات وليست على علاقة جيّدة مع حزب الله”.