في ما يُعرف بـ”قرى الشعب” الحدودية (يارين والضهيرة ومروحين والبستان وأم التوت والزلوطية) هدوء يبدو مبالغاً فيه. تلتزم هذه القرى، إلى حد كبير، النأي بالنفس الانتخابي، للأسباب الشائعة لدى اللبنانيين عموماً ولدواعٍ خاصة بها، رغم استضافتها مرشحين على لائحة الثنائي وقوى الاعتراض. لا صور هنا ولا يافطات، علماً أنها قلّما فعلت ذلك في الدورات الماضية، مكتفية في مواسم الانتخابات بصور جمال عبد الناصر ورفيق وسعد الحريري، وفي المناسبات بلافتات دينية للجماعة الإسلامية ويافطات شكر لمجلس الجنوب أو الإمارات والسعودية على مشروع أم دعم.
يجزم منسق تيار المستقبل في قرى الشعب آندي حمادي لـ”الأخبار”، بأن القاعدة الحريرية، وهي الأكبر بين أبنائها، “قرّرت المقاطعة التزاماً باعتكاف الحريري، وهو ما ستظهره نسب الاقتراع”. لكنه يقرّ بأن للبعض ارتباطات بحزب الله وحركة أمل “وقد اعتادوا التصويت لهما. وهو ما سيفعلونه في هذه الانتخابات، لا سيما في يارين الأكبر سكانياً” بين القرى الست.
يوضح حمادي: “قبل القانون الحالي، كان الناخبون يصوّتون لنواب الحركة وللمعارضة الشيعية من دون أن ينتخبوا حزب الله. في الدورة الماضية التي جرت وفق القانون الحالي، امتنع كثيرون عن التصويت أو صوّتوا للمعارضة بعدما انضوى الثنائي في لائحة واحدة، فيما لم نشتغل، كمستقبليين، في الانتخابات”. وعليه، يتوقع ابن بلدة يارين “مقاطعة بنسبة 80 في المئة ومن سيصوّتون سيفعلون ذلك لأسباب خاصة بهم كالمصالح والصداقات”.
في المقابل، أجواء الجماعة الإسلامية، الأكثر حضوراً في مروحين، تلمّح إلى أن مناصريها سيصوّتون للوائح الاعتراض على غرار موقفها في الدوائر الأخرى. فيما لا تبدو هذه القرى بعيدة عن التجاذب السني – السني حول الموقف من الانتخابات. لكن، ميدانياً، لا يمكن الجزم بشيء. رغم الحساسية المذهبية والسياسية، تتغلب في كثير من الأحوال اعتبارات العيش والمصالح والخدمات المشتركة.
الولاء السني الخالص لأمل يظهر جلياً في مدينة صور التي يبلغ عدد ناخبيها السنة حوالي 4 آلاف، اقترع منهم 1300 عام 2018. غالبية أصواتهم التفضيلية صبّت لمصلحة مرشحي الحركة. المشهد نفسه تكرر بين المجنّسين في البرج الشمالي وشبريحا. وفي تطور ملحوظ، غيّرت بلدة البرغلية هواها إلى الحزب، بعد انتساب كثير من أبنائها إلى السرايا.
في الزهراني، لا يتجاوز عدد الناخبين السنة الـ 2000، يتوزّعون بين قرى عرب الجل وعرب طبايا وضيعة العرب والبابلية. غالبيتهم تدور في فلك أمل لاعتبارات وظيفية وخدماتية رعاها التحالف الدائم بين بري و”الست بهية”، ولم يكن مكتب بري في المصيلح يوماً أقل أهمية لهم من مكتب الحريري في مجدليون.