كتبت “الشرق الأوسط”: رغم تمسّك حزب الله بمعادلة “الردود المدروسة” التي تندرج ضمن قواعد الاشتباك التي سبق أن وضعها، تعكس المواجهات مع “إسرائيل” وتصاعدها منذ 8 تشرين الأول سقوطاً تدريجياً لهذه القواعد، في وقت يسود الترقب لما ستكون عليه ردّة فعل حزب الله على اغتيال الرجل الثاني فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بعدما كان قد أعلن أمينه العام، السيد حسن نصر الله، أن الضاحية مقابل تل أبيب.
وفي حين يرى البعض أن قواعد الاشتباك لم تعد موجودة، أو لا يمكن الحديث عنها أساساً بين الطرفين، هناك من يعدّ أنها لم تسقط، وإنما باتت على المحك، ومصيرها يتحدد وفق الرد الذي سيقوم به حزب الله في ثأره لاغتيال شكر، وما سيليه من رد فعل عليه، بعدما أعلن السيد نصر الله أن الرد سيكون “مدروساً قوياً وفاعلاً”.
ويعدّ العميد المتقاعد، الخبير العسكري، حسن جوني، أنه لا يمكن القول إن قواعد الاشتباك سقطت كلياً، لكنها لم تعد كما كانت عليه منذ بداية الحرب، مع تسجيل اختراقات كبيرة، بحيث سيتحدد مصيرها بشكل نهائي في نوعية رد حزب الله على اغتيال شكر وطبيعته، ليظهر عما إذا كانت هذه القواعد، ولا سيما بعناوينها العريضة، لا تزال موجودة أو سيجري الخروج عنها.
ويعدّ جوني في حديثه لـ”الشرق الأوسط” أن اغتيال شكر لم يكن استهدافاً عسكرياً للضاحية، إنما استهداف لشخص معين سمحت الثغرة الأمنية باغتياله في هذه المنطقة، “وبالتالي لا نعرف كيف سيتعاطى (حزب الله) معها، بحيث سيستهدف تل أبيب انطلاقاً من المعادلة التي وضعها أم لا”.
ويشير جوني إلى اختراقات إسرائيلية كبيرة في “قواعد الاشتباك”، ترتبط باستهداف عمق جنوب لبنان من دون أن يكون في المقابل استهداف للعمق الإسرائيلي بالمستوى نفسه، إضافة إلى أن قوّة تأثير الاستهداف الإسرائيلي في البيئة العسكرية لحزب الله هي أقوى بكثير من قوة الردود.
وعن معادلة مدني مقابل مدني، كما اغتيال قياديين في حزب الله، يقر جوني بأن الخسائر في لبنان أكبر من تلك التي تُسجل في إسرائيل، ويوضح: “يحاول الحزب المحافظة على هذه المعادلة بقصف مستوطنات مدنية رداً على استهداف المدنيين، لكن لا شك في أن الأضرار ليست بالمستوى الذي ينتج عن الاعتداءات الإسرائيلية في لبنان، في حين تستمر تل أبيب باغتيالاتها، ولم تردعها الردود التي ينفذها (حزب الله)”.
وانطلاقاً من كل ذلك، يرى جوني “أن المعركة غير تقليدية بين الطرفين، لأن القتال هو بين جيش تقليدي ومجموعات مسلحة مقاومة مع اختلاف في التوازنات، وبالتالي مهما كان الرد لا بد أنه سيكون مؤثراً…”.