أمس، عادت الأفران إلى مزاولة عملها وكأنّ شيئاً لم يكن. لكنها عودة «غير مفتوحة»، في انتظار ما سيؤول إليه اجتماع اتحاد نقابات أصحاب الأفران والمخابز بوزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة اليوم. علماً أن «القلوب المليانة» تخفّف من منسوب التفاؤل بالنتائج. فأصحاب الأفران متمسكون بـ«مظلوميّتهم»، والتفاوض مع الوزارة بالنسبة إليهم لا يخرج من إطار خيارات ثلاثة: إما رفع سعر ربطة الخبز التي تزن ألف غرام، أو خفض وزنها، أو دعم الدولة لمادة القمح. بهذه الخيارات، يكمل «كارتيل» الأفران والمخابز مواجهة الناس في لقمة عيشهم.
من الطبيعي ألا يجيب أصحاب الأفران على هذه الأسئلة التي تمسّ «تجارتهم». لكن، بحسب مصادر وزارة الاقتصاد والتجارة، «يصاب المرء بالذهول عند النظر إلى لوائح الأسعار المقدّمة للجيش». صحيح أن الوزارة لم تحدّث دراسة كلفة إنتاج ربطة الخبز التي أصدرتها قبل نحو شهرين، إلا أن ما هو مؤكّد، بحسب مصادرها، أنه «حتى مع الزيادات في أسعار المواد الداخلة في إنتاج الرغيف ووصول سعر صرف الدولار إلى 2500 ليرة، لا يزال أصحاب الأفران يربحون». وما يجري اليوم هو أن «هامش ربحهم تضاءل، لكنهم لم يصلوا في أي حالٍ من الأحوال إلى الخسارة».
ثمة تأكيد آخر على هذا الربح، دراسة مستقلة حول «كلفة» ربطة الخبز «ضمن الفرن»، وخلاصتها أنه «حتى لو وصل سعر طنّ الطحين إلى 700 ألف ليرة، وهذه نسبة خيالية، ومع تأرجح سعر الدولار، رح يضلّ فيه أرباح، وأنا بحطّ إيدي بعيونهن»، يقول محمد خفاجة. وهذا الأخير من «أهل البيت»، ومن بيتٍ عاش في المطاحن والأفران، إذ كان «جدي طحّاناً وأبي صاحب فرن وأنا تاجر طحين منذ عام 1970».
بخبرته في عملية استيراد الطحين والمواد التي تُستخدم في الخبز وتوزيعها، وضع الرجل دراسة على أساس سعر طن الطحين اليوم (620 ألف ليرة)، كما يتسلمه أصحاب الأفران. ويوضح أن «كل شوال (100 كيلوغرام) طحين ينتج 120 ربطة خبز زنة 1500 غرام». قبل صعود الدولار، «كان صاحب الفرن يبيع للموزع بسعر يتراوح بين 1050 و1100 ليرة، مع الاحتفاظ بهامش ربح بحدود 400 ليرةللربطة، عدا الأرباح التي يجنيها قبل التوزيع». أما اليوم، ومع «إعادة» دمج هامش الربح من ضمن التكلفة، فـ«يبقى صاحب الفرن محتفظاً بربحه ضمن الفرن». لا يأتي خفاجة بالنتيجة من الفراغ، وإنما من «دفتر حساباته»، فهو يوزّع «أساسيات العجنة»، من طحين وخميرة. يفنّد الأسعار (على أساس سعر الصرف المتداول في السوق) كالآتي: 30 دولاراً لصندوق الخميرة (10 كيلوغرامات)، دولار للكيلو الواحد من السكر، 3 – 4 دولارات لأكياس النايلون، وهذه الأرقام وفق خفاجة، «صحيحة ولا يمكن الاعتراض عليها».