جنان جوان أبي راشد – خاص “المدى”
يوماً بعد يوم يتبيّن أنه يجب عدم الاستخفاف بالاصابة بكوفيد 19، فمَن شُفي من مرض كورونا يمكن أن يعاني لأشهر طويلة من مضاعفات عديدة ومن عطبٍ على المدى الطويل، على الرغم من أن اصابته بكورونا كانت خفيفة ومرّت عليه مرور الكرام كأعراض نوعٍ من انواع الرشح. إنه ما يُعرف ب” Long covid”!
ما هو ” Long covid” أو “كوفيد الطويل” او “متلازمة ما بعد كوفيد”؟
إنه ليس مرضاً خفيفاً على الإطلاق، كما تقول طبيبةٌ بريطانية هي مستشارةٌ في الأمراض المعدية لصحيفة “الغارديان”، والتي اعطت شهادتها حول الموضوع بعد انقضاء 9 اشهر على تعافيها من كورونا التي أصابتها بعوارض كانت تعتبر طفيفة، لافتة الى دراسة تؤكد أنها من بين الكثيرين الذين يكافحون من أجل استعادة حياتهم السابقة، وما زالوا يعانون من تعب مستمرّ وأوجاع أخرى ومشاكل صحية جمّة.
وتقول طبيبةُ أعصاب ألمانية أخرى إن دراسة حديثة شملت نحو 2500 مريض أظهرت استمرار معاناة المرضى من ضيق التنفس والشعور بالتعب المستمر لأسابيع عدة، بعد التعافي من كورونا.
رئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية المركّزة في مستشفى القديس جاورجيوس الدكتور جورج جوفيليكيان يتحدث ل”المدى” عن تداعيات كورونا على جسم الانسان وعن هذه العوارض، قائلاً: “فيكم تدفعوا الفاتورة على المدى الطويل”، مشدداً على ان الامر ليس تهويلاً، بل ان هناك دراسات تدلّ على ذلك بعد مرور اكثر من سنة على انتشار هذا الوباء في العالم”!
واوضح جوفيليكيان ان الدراسات التي أجريت بعد حوالى 100 يوم من تعافي المرضى تبين ان هناك 20% ممن تعافوا تبدّلت حياتهم ولديهم مشاكل في القدرات الذهنية والدماغ، اي في ما يتعلق بالذاكرة أو بالتركيز او بالعمليات الحسابية وبسرعة ردود الفعل.
واضاف: ان كل الجسم يتأثر بتداعيات كورونا عليه، كعوارض التعب والوهن والارهاق المزمن، اوجاع المفاصل وطفرات جلدية ومشاكل في الأظافر وتساقط الشعر.
واشار الى أن جزءاً من المتعافين قد يجدون تحسّناً بعد فترة زمنية، الا أن البعض الآخر قد لا يلقى تحسّناً. واعتبر أن الأهم هو ما يتعلّق بإمكان فقدان حاستَي الشمّ والذوق، فهناك من فقدها حتى بعد مرور 6 أشهر من شفائه، في حين أن الذين استعادوا هاتين الحاستَين تبدّل لدى البعض منهم طعمُ المأكولات، أو باتوا يشمّون بشكل دائم رائحة مماثلة لرائحة السمك الميت أو رائحة الصرف الصحي، ما أدى بالبعض منهم الى مشاكل نفسية وانهيار عصبي.
عوارض ما بعد التعافي من كورونا او “لونغ كوفيد” لا تُصنّف بالعضوية، اي يمكن ان لا تكون على شكل جلطات او مشاكل في القلب او تليّف في الرئة، الا ان من يعتقد أنه نجا من كورونا بالأعراض الطفيفة التي اصابته يمكن ان يكون مخطئاً، فكل الجسم يصاب بدرجات متفاوتة وبطرق مختلفة عن الآخر يقول جوفيليكيان، فالشرايين الرفيعة في الجسم قد تنال نصيبها بما ينعكس على صحة الأظافر والشعر. ولفت الى أنه شاهدٌ على أن احدى مرضاه أصيبت بألم في أسنانها في الفك السفلي وبشكل دائم، وهو ألم مماثل للألم الذي يصيبنا عند تناول الطعام الساخن أو البارد.
أما عن جهل بعض الناس تجاه العمل المهم الذي تؤديه الرئتان في الجسم واللتان قد تصابان بالتليف، فيقول جوفيليكيان إن المتعارف عليه أنهما يدخلان الأوكسيجين الى الجسم، الا أن هناك دورَين آخرَين مهمَّين وهما: اخراج مادة الكربون من الجسم وتعديل نسبة الأسيد في الدم بشكل متواصل وآني، والمساعدة على افراز الصفائح الدموية “البلاكيت” والحفاظ على صحتها.
وختم: إن الرئتَين شبيهتان ب”رادياتور” السيارة الذي في حال اصابته بعطب يسبّب فرطاً في سخونة السيارة وتعطل محرّكها، ويضيف إن اصابة الرئتين تؤدي الى ارتفاع حماوة القلب وتوقّفه.
واذ دعا جوفيليكيان الى اتباع كل سبل الوقاية من كوفيد 19، أكد أننا أمام خطر على حياتنا وهو خطر وصفه بالوجوديّ.