خاص المدى جنان جوان أبي راشد
مصرفُ لبنان سيتدخّلُ لامتصاصِ السيولة في الأسواق من خلال العمل بمنصةٍ إلكترونية تابعة له لتسجيل كل العمليات المالية، هذا ما صدر الجمعة عن رئاسة الجمهورية.
ومن المتوقع ان يُصدِر مصرف لبنان الاثنين تعميماً يوضح كيفية التعامل بهذه المنصة بحسب معلومات ل”المدى”، علماً أن القرار يتضمّن السماح للبنوك ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول بالعملات مثل الصرافين الشرعيين، وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابِعَ لجنةُ الرقابة على المصارف حسنَ سير العمل.
لكن كيف سيتم التعامل في هذه المنصة؟ أي فئة مِن المواطنين معنيّة بالشراء والبيع عبرَها؟ ما هي تأثيراتُها على سعر الصرف؟ هل بإمكان المنصة إلغاء او الحدّ من التلاعب بالدولار أو الحدّ من عمل الصيارفة الشرعيين أو عمل السوق السوداء؟ من أين سيأتي مصرفُ لبنان بالدولارات للتدخّل في السوق وكيف يمكن ضمان عدم تسرّبِها الى حسابات المصارف؟
العديد من الخبراء الاقتصاديين يتريّث في توقعاته بانتظار معرفة مضمون تعميم مصرف لبنان في هذا الشأن، والخبير المالي والاقتصادي جهاد الحكيّم يرى بدوره أن هناك ضبابية حول هذه المسألة، ويشير أيضاً في حديث ل المدى” الى علامات استفهام عدة مطروحة.
ويعتبر الحكيّم أن نجاح المنصّة المذكورة يتطلّب ضخّ كميات كبيرة من الدولارات عبر المصارف بالتزامن مع الحدّ من عملية طبع العملة الوطنية وامتصاص السيولة بالليرة، بما يتوجّب اللجوء الى عدم تمديد العمل بالتعميم رقم 151 الذي يتيح للمصارف تلبية حاجات زبائنها باستخدام ما يُعرف بالدولار المحلي وفقاً لسعر المنصة التي كانت أُطلقت سابقاً والمتداوَل به حالياً ب3900 ليرة، مضيفاً: أما اذا كان مصرفُ لبنان يعتزم تمديد العمل بالتعميم المذكور، فإنه يجب الحدّ وبشكل كبير من كمية سحوبات المودعين بالعملة الوطنية وفقاً لسعر 3900 ليرة.
وسأل الحكيّم: من أين سيزوّد مصرفُ لبنان المصارفَ بهذه الكمية من الدولارات فيما الاحتياطي بالعملات الأجنبية “اضمحلّ وشارف على النفاد”؟ وسأل أيضاً: ما الذي يؤكّد لنا عدم تهريب الدولارات الى الخارج اذا سُمح للتجار والمستوردين بشرائها من المنصّة، وهل سيكون الشراء من المنصة محصوراً بهؤلاء أو انه سيشمل جميع المواطنين اللبنانيين؟
ويعتبر الحكيّم أنه اذا كان شراء الدولار وبيعه محصوراً بموجب التعميم بفئة معينة من اللبنانيين كالتجار والمستوردين، فإن المستثنين من أفراد ومؤسسات سيلجأون مجدداً الى شراء الدولار من السوق السوداء.
بعض الخبراء الاقتصاديين يرى في المنصة محاولة أو طريقة لتشريع السوق السوداء، والبعض الآخر منهم يرى أنها لن تختلفَ عن المنصة التي كان مصرفُ لبنان قد أطلقها في حزيران من العام الماضي اذ بدأت بتسعير الدولار على 3200 ليرة، ثم انتقلت الى السعر المتداول به حالياً وهو 3900 ليرة، مشيرين في الوقت عينه الى ان الاختلاف عن المنصة السابقة، هو أنه سيتمُّ عبر المنصة الجديدة التداولُ بالسعر الحقيقي للدولار، والذي هو سعر السوق السوداء، بما يعني أن كل ما تقوم به المصارف من ألاعيب في ما بتعلّق بأموال المودعين سيصبح واضحاً وضوح الشمس.