تراوحت الافتراضات في شأن ولادة الحكومة بين الجزم بأن الاتفاق السياسي ــــ التقني يمضي قُدماً في تذليل آخر العقبات قبل الإفراج عنها في غضون أيام، وبين تكهنات بأن الإيجابية المفاجئة مجرّد مناورة. فيما نشطت، أمس، التسريبات مِن جانبَي الرئيسين العماد ميشال عون ونجيب ميقاتي، مُتحدثة عن ورقة جديدة، إما أن تُفضي مع نهاية الأسبوع إلى حكومة توفّر الحد الأدنى من مقومات إمرار هذه المرحلة الحساسة، وإما فرملة الاندفاعة مع إطلاق العنان لتوقعات حول تداعيات الفشل، الأكيد أن الاعتذار ليسَ بينها. إذ أن اتفاق الإطار الذي وضِع للحكومة، ووافق الرئيسان عليه، يعني أن شدّ الحبال يبقى “ضمن تحسين الشروط”، مِن دون أن يصِل إلى حد تهديد الركائز التي بُنيت عليها الخريطة الحكومية من “العدد إلى عدم المداورة في الحقائب السيادية، وعدم إعطاء الثلث المعطل لأي فريق”. لذا تضع دوائر سياسية التعثّر الذي أصاب مسار التأليف في إطار “محاولة تأمين المخارِج المُمكنة للاعتراضات التي وضعها كل من عون وميقاتي على بعض الأسماء المتبادلة”. وإذ لم تشأ هذه الدوائر كشف المخارج التي لجأ إليها الرئيسان، بدت مطمئنة إلى أن الحكومة تشقّ طريقها إلى الأمام.
في المبدأ، تُشير هذه الدوائر بحسب “الأخبار”، إلى تغييرات طرأت على الأسماء التي وضعها كل من الرئيس عون وميقاتي. ففيما العقد حُصِرت أخيراً بين وزارات الطاقة والعدل والداخلية، أكدت مصادر مطلعة أن “رئيس الجمهورية وضع ثلاثة أسماء جديدة لوزارة الطاقة، بعدما اقترح سابقاً المستشار بيتر خوري ورفضه رئيس الحكومة المكلف”. أما بالنسبة إلى وزارة العدل “فبعد رفض ميقاتي اسم رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية جويل فواز التي اقترحها الرئيس عون، جرى التداول بثلاثة أسماء جديدة؛ من بينها حبيب رزق الله وأنطون إقليموس، طرحها ميقاتي وردّها الرئيس عون باقتراح اسم مالك صعيبي”، أما بالنسبة إلى الداخلية فالمنافسة لا تزال بين “مروان زين واللواء إبراهيم بصبوص”، ولا اسم محسوماً حتى الآن في الوزارات الثلاث.
وبناءً عليه، فإن النبرة التي تحدثت بها مصادر القوى السياسية المعنية بالتأليف لم تكُن بالتفاؤل نفسه الذي سارعَ البعض الى نشره، كما لو أن الحكومة اليوم. مصادر رئيس الجمهورية التي لفتت إلى أن “الرئيس عون ينتظر التشكيلة الموعودة”، أكدت أن “أبواب بعبدا مفتوحة إن وجدَ الرئيس ميقاتي إليها سبيلاً”. وفي وقت تتكتّم فيه مصادر ميقاتي على كل ما له علاقة بشأن التشكيلة أو الأسماء أو الموعد الذي سيزور فيه بعبدا، شددت على أن “لا اعتذار”. يبقى هذا الاحتمال الأكثر واقعية، وخاصة أن “الرئيس عون، خلال الاجتماعين الأخيرين، أكد أمام ميقاتي أنه يرفض فكرة الاعتذار”، وهو ما أبلغه ميقاتي بدوره إلى “المفتي عبد اللطيف دريان في لقاء معه، معبراً عن ارتياحه من تجاوب عون وتعاونه”، بحسب معلومات “الأخبار”.