يعيش الطرابلسيون تحت وطأة الوباء المتفشي في كل ارجاء مدينة طرابلس واحيائها وضواحيها وبلغت مرحلة خطيرة قد تضطر فيها قيادات المدينة الى اقفالها رغم الفقر والجوع والحرمان المنتشر فيها..
كان من المتوقع ان يشمل قرار الاقفال طرابلس نظراً لعداد الاصابات اليومي الذي يرتفع ويتراوح ما بين الثمانين الى المئة اصابة يومياً، لكن معارضة بعض الهيئات والمؤسسات دفعت الى تجنب هذه الكأس المرة حالياً لعل الاهالي يتنبهون الى المخاطر فيعمدون الى الجدية في اتخاذ اجراءات الحماية والوقاية للحد من انتشار الوباء، غير ان مظاهر التفلت والتسيب لا تزال على حالها وتهدد أمن طرابلس الصحي بعد أن بلغت مستشفيات المدينة الذروة وتغصّ بالمصابين سواء في المستشفى الحكومي او في المستشفيات الخاصة..
وبلغ الاستهتار مرحلته القصوى حين تلاحظ ان مقاهي ومطاعم محلة الضم والفرز تغص بالرواد والاراكيل اضافة الى التجمعات غير المبالية ورفض الالتزام بالكمامات واجراءات التباعد الاجتماعي، وفي ذلك اشارة الى اللامبالاة بمندرجات الوقاية الصحية رغم كل بيانات التوعية الصحية..
وكان لافتا ان مركز (الكواليتي إن) يغص بالمواطنين من كل انحاء طرابلس بحيث يقفون في طوابير لاكثر من ثلاث ساعات لاجراء الفحص، وما يثير التساؤلات ان نتائج الفحوصات تتأخر احيانا لاكثر من يومين وقد حصلت اكثر من حادثة في هذا الاطار، فقد اجرى احدهم فحصا وطلب منه انتظار اتصال من وزارة الصحة لابلاغه بالنتيجة في حال كانت ايجابية واذا كانت سلبية فلن يحصل الاتصال..ومضى على اجراء الفحص حوالي الاسبوع دون اتصال، فظن ان نتيجته سلبية فصال وجال في المدينة يوزع الكورونا الى أن تبلغ اصابته..
عدا عن تفلت المطالبين بالحجر المنزلي الذين يتجولون بين الناس مما شكل احد ابرز اسباب تفشي الوباء بالمدينة..
ويقف اتحاد بلديات الفيحاء بمأزق جراء عدم توفر كل الامكانيات المطلوبة لحملات التعقيم الضرورية لمنازل العائلات المصابة وتعمل ورش الاتحاد ضمن امكانياتها المتواضعة..
وترى المصادر انه في حال استمر الوضع على حاله من تصاعد الاصابات فان اقفال المدينة شر لا بد منه لحماية المواطنين..
واقفال بلدة القلمون نموذجاً لا بد من ان يشمل لاحقا طرابلس والميناء والبداوي للحد من انتشار الوباء، كما تصاعدت المطالبة بانشاء مستسفى ميداني تحسبا للاخطر.
وكان محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا قد ترأس اجتماعاً، في مكتبه في سرايا طرابلس، ضمّ رؤساء بلديات قضاء طرابلس رياض يمق، حسن غمراوي، طلال دنكر، أمينة سر غرفة إدارة الكوارث والأزمات في الشمال القائمقام إيمان الرافعي، طبيب قضاء طرابلس وليد البابا، رئيس مركز الحجر في فندق المعرض رائد طراف، مسؤول الصليب الاحمر في الشمال روجيه بافيتوس، حيث بحث المجتمعون في قدرة استيعاب المستشفيات في قضاء طرابلس وسُبل تقديم الدّعم لها، خصوصاً من وزارة الصّحة.
وبعد الاجتماع، أصدر المشاركون بياناً، أعلنوا فيه أن «بناء على الاجتماع الذي عقد بتاريخ 5/10/2020 مع رؤساء بلديات قضاء طرابلس والمعنيين في لجنة ادارة أزمة كورونا وبسبب تفشي الوباء في القضاء الذي يبلغ عدد سكانه 600 الف نسمة وازدياد اعداد المصابين بوتيرة يومية ملحوظة، يرفع التوصيات التالية:
أولا: وجوب استكمال تجهيزات الغرف المخصصة لمرضى كورونا في مستشفى طرابلس الحكومي ومستشفى المنية الحكومي.
ثانيا: الطلب من المستشفيات الخاصة زيادة عدد الاسرة المخصصة لمرضى كورونا بما يتناسب مع القدرة الاجمالية لكل مستشفى.
ثالثا: في حال ازداد الوضع سوءا درس امكانية انشاء مستشفى ميداني في باحة معرض رشيد كرامي الدولي.
رابعاً: بما أن مركز الحجر في فندق المعرض قد تم تفعيله منذ حوالى شهر وبدأ باستقبال المصابين والاهتمام باحتياجاتهم اليومية ومتابعتهم من الناحية الصحية لحين تماثلهم للشفاء، أعلن المجتمعون عن امكان تواصل المصابين بكورونا مباشرة مع البلديات او خلايا الازمات في الاقضية والبلديات لتأمين دخولهم الى مركز الحجر على الخط الساخن العائد لكل بلدية».
وفي السياق نفسه، قال نهرا: «المرحلة صعبة جدا، خصوصا وان المستشفيات في قضاء طرابلس استنفذت قدرتها الاستعابية القصوى، لذلك اجتمعنا اليوم مع رئيس بلدية طرابلس ورؤساء بلديات القضاء وبحثنا في الطرق التي من خلالها تتمكن المستشفيات من استقبال اكبر عدد من المرضى خصوصا في قسم العناية المركزة التي اصبحت شبه مكتملة. كما بحثنا موضوع مركز الحجر المتمثل بفندق المعرض الذي انطلق العمل فيه منذ شهر، وشددنا على تفعيله بمساهمة من البلديات».
وأضاف: «في ما يخص قرار وزير الداخلية باقفال البلديات، تم البحث في الموضوع، وخصوصا في ما يتعلق ببلدية طرابلس وصعوبة تطبيق اجراءات الحجر والاقفال في طرابلس، وتم النقاش بالامر مع رئيس البلدية، مع العلم ان طرابلس لم تدرج في لائحة الاقفال التي صدرت الا ان علينا الاستعداد لكل الامور لان اعداد الاصابة بالوباء تتزايد، خصوصا وان طرابلس تسجل اعلى نسبة اصابات».
وتابع: «سيصدر بيان عن رؤساء البلديات، وسنطلب من وزارة الصحة المساعدة لاننا لا نمتلك القدرة الكافية لنؤمن للمستشفيات المستلزمات الطبية التي تحتاج لها، ونتمنى على وزير الصحة الذي زار المنطقة واطلع على الاوضاع ميدانيا ان يسرع في اتخاذ الاجراءات المناسبة لان الوضع اصبح صعبا جدا».
ومن جهته، قال يمق: «مدينة طرابلس مكتظة سكانيا، لذلك لا يمكن ان نعتبرها كمدينة صغيرة ناهيك عن الفقر الذي تعانيه. لذلك لا يمكن لنا ان نطلب اغلاقها، رغم وجوب ذلك، قبل ان نؤمن العيش الكريم لفقراء المدينة، لذلك لجأنا الى التوعية ونقوم بتوزيع كمامات في مختلف طرق طرابلس، وستنطلق الحملة غدا الساعة 10 صباحا، ونطلب من المواطنين ان يكونوا حذرين وحرصاء على السلامة الشخصية والعامة. ولكن يجب ان ندرك ان تأمين لقمة العيش للناس مهم جدا».