جنان جوان أبي راشد – خاص “المدى”
دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في نداء أطلقه في عظته في الخامس من تموز الجاري الى إعلان حياد لبنان، كرّرها البطريرك الأحد الذي تلاه، وقد توجه في هذا النداء إلى الأسرة الدولية لإعلان هذا الحياد.
هذا الموضوع الذي ما زال يتردّد في الأروقة السياسية وبين المكوّنات الشعبية اللبنانية تُطرح حوله أسئلة عديدة من أبرزها: ما هو معنى الحياد في القانون الدولي، ما هي نماذج الدول المحايدة في العالم، هل يتعارض الحياد مع الدستور، وما هو الفارق بين الحياد وتحييد لبنان، ولماذا توجَّه الراعي الى الأسرة الدولية لإعلانها حياد لبنان؟
رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية المحامي بول مرقس أجاب عن هذه الاسئلة متحدثاً ل “المدى”، وموضحاً أن حياد الدول ليس مسألة جديدة، فقد تم طرحه في القرن الثامن عشر وفي أوائل القرن التاسع عشر، وكانت سويسرا والسويد في طليعة الدول التي تعلن حيادها، إذ أعلنت سويسرا حيادها في العام 1815. أما السويد فقد اعلنت الحياد في العام 1939 ولكنّ سياستها المحايدة كانت مبهمة نوعاً ما. كما أن النمسا وفنلندا وتركمانستان هي دول محايدة.
أما عن الجهة التي يجب أن تعلن الحياد، فيشير مرقس الى أن الدولة هي التي تعلن حيادها بذاتها، فقد أقرت النمسا الحياد من خلال اقرارها مشروع قانون على سبيل المثال.
وأكد مرقس أن دون إعلان الحياد محاذير لوجوب مراجعة الدستور اللبناني الذي ينصّ في الفقرة (باء) من مقدمته على أن لبنان هو دولة عضو عامل وملتزم بمواثيق جامعة الدول العربية، بما يحتاج الى اعادة النظر في ما يتعلق بالصراع العربي- الاسرائيلي، واستطرد قائلاً: “لكنّ ذلك لا يؤدي الى إعاقة إعلان حياد لبنان إطلاقاً في حال جرى توضيح هذا الحياد بطريقة لا ينأى فيها لبنان عن الصراع المذكور ويستمر في اعتبار اسرائيل كياناً عدواً، على أن يكون ذلك في إطار ثوابت الحياد المُعلن عنها، إذ إن الحياد ليس فقط عنواناً بل هو مضمون ويجب تظهيره بهذه الطريقة”.
وعمّا يميّز الحياد عن تحييد لبنان الذي دعا إليه فرقاء سياسيون، يلفت مرقس الى أن مفهوم تحييد لبنان هو ترجمة للحياد لكن لا بُعد قانونياً للتحييد على غرار البُعد الذي يأخذه الحياد والذي له أصول في ما يتعلق بالاعلان عنه من جانب الدولة التي تبلّغ عنه الامم المتحدة، ويتم تنفيذ هذه الأصول على مستويات عدة منها المستويَين السياسي والعسكري.
وأوضح مرقس أن التحييد هو معنى سياسي محض في إطار الواقعية السياسية التي تتمّ ممارستها وهو يعني عدم إقحام دولة ما في صراعات لا طائل منها، لكن لا ضرورة لأن يَصدُر التحييد عبر اعلانٍ وقوانين يجري إبلاغها الى الامم المتحدة.
الحياد في اللغة يمكن تعريفه بغير المتحيِّز وغير المتحالف مع أيّ دولة أخرى أو كتلة أو جبهة ما.
علماً أن أراضي الدولة المحايدة تُعدّ مصانة، ويُحظّر ان يُرتكب عليها ايُّ عملٍ عدائي مهما كان نوعه، وفي مقابل وقوفِ هذه الدولة المحايدة بعيداً من النزاعات، عليها واجبُ عدم المشاركة في أيّ نزاعٍ وعدم التحيّزِ لأيّ طرف من الأطراف المتنازعة.