ماذا لو استقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أو انقضت ولايته في تموز المقبل من دون الاتفاق على بديل، وفي ظل استمرار الفراغ الرئاسي؟ البحث في الخيارات المتاحة بدأ فعلياً ما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وخصوصاً أن ثمّة توجّهاً لدى بري بالطلب من نائب حاكم مصرف لبنان الأول وسيم منصوري الاستقالة فوراً لاعتبارَين اثنين: إبعاد كرة النار التي يحملها رياض سلامة عنه، وتفادي مشكلة طائفية مع الأحزاب المسيحية والبطريركية المارونية، ولا سيما أن الموقع محسوب على الطائفة المارونية. وبحسب معلومات “الأخبار”، ميقاتي استدعى منصوري وسأله عمّا يمكن فعله في حال استقالة الحاكم أو انتهاء ولايته. أجاب منصوري باستحالة تغيير أيّ إجراء في السياسة النقدية لأسباب تتعلّق بشحّ الدولارات. وبالتالي، فإن المسار الانحداري سيستمر ويصعب إيقافه من دون “تسوية” شاملة تعيد ضخّ الدولارات إلى البلد.
في الشقّ الأول، تشير مصادر مطلعة بحسب “الأخبار”، إلى فرضية يتمّ درسها في دوائر القرار حول إمكانية تمديد ولاية الحاكم إلى حين الاتفاق على حاكم جديد، أو اللجوء إلى حكومة تصريف الأعمال للتوافق على مرشح. لكن، هل يمكن لحكومة تصريف الأعمال تعيين حاكم؟ تحيل مصادر قانونية الإجابة إلى اجتهاد مجلس شورى الدولة حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال في القيام بمهامّ ملحّة مرتبطة بمهل زمنية معينة. لكن ما الملحّ أكثر من ملء شغور حاكمية البنك المركزي؟ إلا أن هذه المهمة ستصطدم بأصوات مسيحية ترفض أي تعيين قبل انتخاب رئيس للجمهورية. تقليدياً، الحاكم من حصّة رئاسة الجمهورية أو يأتي برضاه، ويكون للرئيس الحصّة الأكبر في تسميته. ومن المرجح أن يُستخدم هذا الشغور للضغط قدماً في انتخاب رئيس.
أما الشق الثاني المتعلق بدور الحاكم المقبل، فيفترض أن يكون رهناً بخطة النهوض التي ستعتمدها الدولة اللبنانية، وهي لغاية اليوم غير واضحة المعالم. فلا الاتفاق مع صندوق النقد يبدو قريباً، ولا الاتفاق بين قوى السلطة على حلّ مختلف أيضاً. على أن المادة 70 من قانون النقد تحدّد أربع مهامّ رئيسية للمصرف المركزي: 1- المحافظة على سلامة النقد اللبناني، 2- المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، 3- المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي، 4- تطوير السوق النقدية والمالية. وبالتالي، فإن ما كان يقوم به سلامة من مساعدة الدولة على مضاعفة ديونها ليست ضمن الوظيفة بل تناقضها تماماً لأنها تهدّد سلامة النقد. شأنها شأن كل الوظائف التي ابتدعها لنفسه والتي لم ينتج منها سوى التضخّم وتعريض الأموال العامة والخاصة للمخاطر.
وتشير مصادر المركزي إلى أن نواب الحاكم منذ تعيينهم في عام 2020 يشاركون في القرار ويتدخّلون عند اللزوم، على أن هدفهم الأساسي الحرص على “عدم الإفراط في استخدام موجودات مصرف لبنان التي ينظرون إليها بوصفها احتياطات إلزامية ونسبة من الودائع”. أما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فيلبّي، على ما قال خلال التحقيقات الأوروبية معه، كل طلبات الحكومة ولا سيما رئيس الحكومة ووزير المال، وهو في ذلك يطبق تعاليمهما بحذافيرها.