رندلى جبور- خاص “المدى”
زيارة لافتة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في وقتها وفي مضمونها.
فالرئيس عون ليس من أولئك الذين يُكثِرون زياراتهم إلى المرجعيات الدينية، ولكنه في المقابل حريص كل الحرص على مشاركة كل المكوّنات والحفاظ على حضورها ودورها وخصوصياتها وعدم وقوعها في الاحباط أو شعورها بالمظلومية أو انكفائها عن العمل الوطني.
ولذلك، عندما يستشعر خطراً أو أزمة، يفعل اللازم. ومن هنا جاءت زيارته إلى دار الإفتاء.
وتقول مصادر قصر بعبدا للمدى إن الرئيس عون تلمّس إشارات توحي بإمكان مقاطعة الطائفة السنية الانتخابات بعد إعلان الرئيس تمام سلام عدم ترشحه، وقرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله وعمل تيار المستقبل السياسي، وانتشار أخبار عن إمكان أن يحذو الرئيس نجيب ميقاتي حذو زملائه في نادي رؤساء الحكومات السابقين وتكرّ السبحة، ولذلك اتصل الرئيس عون بالمفتي دريان عبر الهاتف بداية وقال له إنه يرغب بلقائه وهكذا كان.
اللقاء بين الرجلين دام ثلث ساعة ولكنه بحث الكثير من المسائل وأبرزها ثلاثة:
الأولى، إصرار الرئيس عون على مشاركة الطائفة السنية في الانتخابات النيابية لأن المقاطعة تهدد المجتمع اللبناني، وعلى منع حصول أي خلل في حضور أو دور أي طائفة أو مكّون، وهذا من صلب قناعات الرجل المسكون بهاجس الشراكة والوحدة الوطنية والسلم الأهلي. ومع أن المفتي كان إيجابياً ومتجاوباً، إلا أنه كسرها وجبرها ولم يقدّم جواباً حاسماً وقاطعاً في شأن المشاركة في الانتخابات.
والمسألة الثانية هي المبادرة الخليجية، بحيث وضع رئيس الجمهورية مفتيها في جوّ الإجابة اللبنانية على الورقة التي حملها وزير الخارجية الكويتية إلى بيروت، وهذه الاجابة باتت في الكويت، وتُوازِن بين رغبة لبنان في إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية وبين أولوية المحافظة على السلم الاهلي.
والمسألة الثالثة هي الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبنانيين والذي هو هَم أساسي لدى الرئيس عون.
وعلى نغمة أن الرئيس تأخر في الزيارة، ردّ مقّربون من القصر بأن الجنرال لم يقم بزيارات لرؤساء الطوائف إلا في المناسبات أو إذا كان من سبب مهم للزيارة. واليوم هناك سبب جوهري ولذلك فرض التوقيت نفسه، وهو ليس باكراً ولا متأخراً.