لا يزال مشروع القانون المتعلق بإصلاح أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، والذي أقرت أسبابه الموجبة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، يخضع لتمحيص في بنوده من “باب الحرص على أن تقوم الحكومة عبر وزارة المال بتمرير مشروع قانون يأتي متناسبا مع الأزمة الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية القائمة والمستمرة”.
ليس خافيا أن المشروع الذي يُعدّ نسخة معدلة من مشروع قانون عام 2023، وسيستكمل البحث فيه يوم الجمعة، هو أقرب إلى قانون إصلاح وضع المصارف الحالية وليس إعادة هيكلة للقطاع المصرفي، فيما الهدف منه استعادة الانتظام المالي العام. لذا من الأهمية إقرار تشريع أولا يعيد أموال المودعين إلى أصحابها من دون تمييز أو خرق للمبادئ العامة الدستورية والقوانين المرعية، وثانيا من خلال المحاسبة الشفافة للمتسببين بالأزمة، مع ضرورة الفصل بين الودائع المشروعة وتلك غير المشروعة لترتيب أولويات التسديد.
وللغاية، استعانت وزارة المال بعدد من الخبراء الاقتصاديين والقانونيين، بينهم الدكتور علي زبيب رئيس لجنة الشؤون المصرفية وحماية حقوق المودعين في نقابة المحامين في بيروت، الذي أورد بعض التعليقات القانونية على مشروع القانون من ضمن دراسة أعدها ووزعت على الوزراء للاطلاع على مضمونها.
يعتبر زبيب أن “المشروع الذي يقوم على استحداث هيئة مصرفية عليا وإيجاد قانون لتنظيم العمل المصرفي يجب أن يترافق مع السلة الكاملة من القوانين، إذ سيؤدي إدراجه منفردا إلى معالجة وضع المصارف وليس حل المسألة القائمة “.
وفيما يرى أن “عملية الملاحقة القضائية لمسؤولي المصارف المرتكبين، منقوصة وبطيئة وغير كافية لكونها ترتب طبقات إضافية من الملاحقة”، يلاحظ أنه “لا بد من إضافة باب مستقل يتناول المحاسبة والمفعول الرجعي لضبط عمليات التحويل إلى الخارج والبيوعات العقارية بهدف استعادة الأموال”.
ويوضح أن “المشروع أغفل أمورا عدة، منها الحسابات التي أقفلت في شكل غير قانوني، وإيداع مؤوناتها بموجب شيك مصرفي لدى الكاتب بالعدل، مع عدم تبلغ مالك الحساب بالإقفال أصولا. كذلك حدد المشروع ترتيبا صارما للأولويات في الإنقاذ الداخلي: المساهمون أولا ثم الدائنون الثانويون، فالمودعون غير المحميين، لضمان العدالة وعدم المساس بحقوق صغار المودعين المحميين قانونا.
إلى ذلك، ثمة مخالفات دستورية جسيمة يشير إليها، تتعلق بالملحق المرفق بالمشروع، أبرزها التمييز بين الودائع وغياب المساواة في ما بينها. إذ استثنيت منه أموال الضمان الاجتماعي، وحقوق صناديق نقابات المهن الحرة وودائع العسكريين المتقاعدين أو سائر المودعين، كما أغفل المشروع تمامًا مسألة تعويض أصحاب الودائع بالليرة اللبنانية.
ويورد تعليقا على أهداف القانون في مادته الثالثة وخصوصا عبارة “السعي” لحماية الودائع في عملية التصفية لعدم كفايتها، إضافة إلى إعتراضه على إتاحة الفرص للمصارف لعدم تضمين أصولها في الخارج، كما السماح لها بتعيين مخمنين مستقلين. ويشرح أن آليات تعيين أعضاء اللجنة يجب أن تراعي تضارب المصالح.
وبالنسبة إلى التقاضي، يشير إلى أنه “لم يتم التطرق إلى الدعاوى العالقة أمام قضاء العجلة والاستئناف والتمييز، كما أن قرارات المحكمة الخاصة تخضع للاستئناف أمام محكمة الاستئناف، بما يعني العودة إلى معضلة القضاء اللبناني ومنها الاختناق القضائي والمحسوبية والوساطة، وتدخل السياسة والمال والأعمال في القضاء، في غياب قانون استقلالية القضاء”.
ويختم تعليقه القانوني بالحديث عن “خطورة إلغاء هذا القانون مفاعيل قوانين فاعلة ومرعية تحمي المودعين، مثل قانون النقد والتسليف، والتجارة البرية والـ 67/2 والـ 91/110. لا بد من إخراج المودع من تحمل أي مسؤولية أو خسائر (مع التحفظ عن عبارة خسائر)”.