بدا ان الفسحة التي تفرضها مقاربة المرحلة الجديدة من الجهود الديبلوماسية حول الوضع المتفجر جنوبا ستتيح للبنان الرسمي كما السياسي، التعمق في مقاربة ومواجهة الملف الذي لا يقل خطورة عن ملف المواجهات في الجنوب، وهو ملف النازحين السوريين الذي بات من غير الوارد ولا الممكن التهاون فيه بعد الان.
وعلى ما توحي المعطيات الواقعية والاستعدادات الرسمية والسياسية للمضي في هذه “المعركة” المفتوحة على اتجاهات شتى بحسب النهار، فان لبنان يقف للمرة الأولى بهذا “التوثب” لمقاربة نوع من المواجهة الديبلوماسية مع أوروبا تحديدا نظرا الى تأثيرها القوي استراتيجيا وجغرافيا ودوليا واقتصاديا بعدما تراكمت المؤشرات السلبية التي لا ترضي لبنان ولا تتلاءم مع معاناته الكارثية من أعباء النزوح السوري وتداعياته الآخذة في مراكمة الاخطار في كل الاتجاهات.
ولعل الموقف الذي عبر عنه الجانب الفرنسي نفسه لم يكن مثيرا للارتياح الرسمي والسياسي عموما اذ لا تزال فرنسا على رغم إظهارها التفهم الأعمق والأوسع لمعاناة لبنان تلتزم معادلة “العودة الطوعية” للنازحين من دون افق لتبديل أوروبي في هذه المعادلة. ولذا تتجه الأنظار الى ما ستشهده زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين لبيروت يوم الخميس المقبل برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس بحيث ستتركز على هذا الملف الخطير والحساس. وهما سيعقدان اجتماعا في السرايا الحكومية يترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن ثم ينتقلان إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي سياق تصاعد الاهتمامات بهذا الملف رأس الرئيس ميقاتي امس اجتماعا للبحث في ملف النازحين السوريين شارك فيه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، المنسق المقيم للامم المتحدة في لبنان عمران ريزا وممثل مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ايفو فرايجسن ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي. وتم خلال الاجتماع البحث في التعاون بين لبنان والمفوضية وسبل معالجة القضايا المتصلة بملف النازحين.
كما ان اجتماعا لافتا عقده ميقاتي بعد الظهر مع وفد من كتلة “الجمهورية القوية” في حضور الوزير مولوي واللواء الياس البيسري ووزع مكتب النائبة ستريدا جعجع بيانا افاد ان “الوفد بحث مع رئيس الحكومة ملف الوجود السوري غير الشرعي في لبنان، حيث اكد للرئيس ميقاتي ان لبنان بلد عبور وليس ابداً بلد لجوء، كما ان البلديات في المناطق التي ينشط فيها نواب التكتل تقوم بواجباتها في تنظيم هذا الوجود الا ان هذا الامر لوحده غير كاف ابداً وعلى القوى الأمنية والأمن العام القيام بدوره الأساسي والمركزي في هذه المسألة.لذلك تمنى الوفد على الرئيس ميقاتي ، إعطاء تعليماته الواضحة لوزراء الداخلية والدفاع ، لكي يتولى كل منهما ضمن صلاحيته متابعة المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي والجيش تطبيق القانون على كل اجنبي موجود بشكل غير شرعي على الأراضي اللبنانية”.