واصلت الدول الكبيرة المزوّدة بالسلاح النووي تطوير ترساناتها العام الماضي، ممهدّة الطريق لسباق تسلّح جديد، بحسب ما حذّر المعهد الدولي للأبحاث حول السلام في ستوكهولم (سيبري) في تقرير نشر الإثنين.
وعكفت القوى النووية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا اللتان تمتلكان حوالى 90 % من المخزون العالمي، على “تحديث الأسلحة الموجودة وإضافة نسخ جديدة”، وفق “سيبري”.
ومنذ نهاية الحرب الباردة، تمّ تفكيك الرؤوس الحربية القديمة بوتيرة أسرع من وتيرة نشر الجديدة، ما أدّى إلى انخفاض في إجمالي عدد هذه الرؤوس. لكن هذه المعادلة قد تنقلب في السنوات المقبلة.
وقال مدير المعهد دان سميث لوكالة “فرانس برس”: “ما نلحظه اليوم هو بداية ارتفاع عدد الرؤوس النووية العاملة”.
ولفت سميث إلى أن “الصين تزيد بانتظام قوّتها النووية”، مرجّحا احتمال أن تمتلك “ألف رأس نووي في غضون سبعة أو ثمانية أعوام”.
وصحيح أن هذا العدد ما زال بعيدا كلّ البعد عن المخزون الأميركي أو الروسي، غير أنه يجعل من الصين “لاعبا أكثر أهمية بكثير” على الساحة النووية.
وفي وقت “محفوف بالمخاطر وانعدام الاستقرار بشكل خاص”، على الصعيد الجيوسياسي، يواجه العالم تهديدات جديدة، و”بتنا نشهد المؤشّرات الأولية إلى سباق جديد إلى التسلّح النووي”.
وأحصى معهد “سيبري” في المجموع 12241 رأسا نووية في كانون الثاني 2025، من بينها 9614 مخزّنة بغرض استخدام محتمل. وتتمتّع روسيا والولايات المتحدة “ببرامج واسعة لتحديث واستبدال الرؤوس النووية”، بحسب التقرير.
ولم ترفع بريطانيا من عدد رؤوسها النووية في 2024، لكن نظرا للقرار الذي اتّخذه البلد في 2021 برفع الحدّ الأقصى من 225 إلى 260، من المرجّح أن يزداد المجموع مستقبلا، بحسب “سيبري”.
أما فرنسا، فهي أبقت عدد الرؤوس النووية ثابتا بواقع 290 رأسا تقريبا، في حين “تقدّم برنامجها للتحديث النووي خلال العام 2024”.
وواصلت الهند وباكستان بدورهما “تطوير أنواع جديدة من نواقل الأسلحة النووية في 2024”.
وفي مطلع العام 2025، كانت الهند تمتلك “مخزونا قيد التنامي” بحوالى 180 سلاحا نوويا، في حين بقيت الترسانة الباكستانية بحدود 170 رأسا حربيا.
ويبقى برنامج التسلّح النووي في كوريا الشمالية “في صلب استراتيجية الأمن القومي”، بحسب المعهد. ويقدّر “سيبري” ترسانة بيونغ يانغ بحوالى خمسين رأسا نووية، ويرجّح أن تكون الدولة “تتمتّع بما يكفي من المواد الانشطارية لبلوغ عدد قد يصل إلى 90 رأسا حربية”.
أما إسرائيل التي لا تقرّ بامتلاكها أسلحة نووية، فهي تقوم بدورها بتحديث ترسانتها التي كانت تضمّ وفق تقديرات المعهد حوالى 90 رأسا في بداية العام.
ولا يقتصر سباق التسلّح النووي على زيادة أعداد الرؤوس الحربية، بحسب سميث الذي أشار إلى أنه “سباق تسلّح على صعيد تكنولوجي عالٍ” تدور رحاه “في الفضاء والحيّز السيبراني على السواء” لأن برمجيات التحكّم والتوجيه الخاصة بالأسلحة النووية ستشكّل ميدان منافسة.
ولا شكّ في أن التقدّم السريع للذكاء الاصطناعي سيكون له انعكاس على التطوّرات وسيأتي ليكمّل الجهود البشرية.
ولفت سميث إلى أن “المرحلة التالية ستكون الانتقال إلى الأتمتة الكاملة”، محذّرا من ضرورة “عدم الإقدام على هذه الخطوة بتاتا”، مضيفا “إذا ما كان مصيرنا… متروكا بين أيدي الذكاء الاصطناعي، فسنقترب برأيي من السيناريوهات الكارثية”.