كتبت “الأخبار”: في الأيام الأخيرة، وصلت ملاحظات وكلام سعودي من خارج لبنان (لا علاقة له بأي تحرك للدبلوماسية السعودية في بيروت)، يتعلق برؤية ما يتم تداوله حول خلاصات من ضمن إعادة ترتيب العلاقات الإقليمية، على خلفية حرب غزة.
رغم الاهتمام السعودي بملف لبنان، إلا أن مقاربة أزمته تراوح مكانها منذ أشهر طويلة، وتكاد تسبق أول موعد للاستحقاق الرئاسي. ويحظى لبنان بمتابعة لمستقبله ولكن من ضمن أطر محددة، إذ لا تتعاطى الرياض مع وضع لبنان على خلفية ما يحصل في غزة والحرب الدائرة فيها وما يمكن أن ترتدّ نتائجها عليه من خلال تسوية كبرى، بل هي تحتفظ بموقفها الأساسي منذ البداية في التعاطي مع الانتخابات الرئاسية من ضمن رؤية شاملة للبنان وللوقائع السياسية فيه.
وتنقل الملاحظات السعودية أن لا جديد في ما يخص الملف الرئاسي وتحرك اللجنة الخماسية، لكن الملف الرئاسي يحمل في طياته الكثير من الوقائع التي تؤخذ في الاعتبار عند إعادة طرح الملف على الطاولة. لم تعد النظرة السعودية إلى لبنان الذي ساندته هي نفسها لناحية التسليم المطلق بكل ما يجري ولا سيما لجهة التعاطي مع القوى السياسية كما كان يجري سابقاً. المتغيّر الذي حصل مع علاقة السعودية بالرئيس سعد الحريري وبموقعه السياسي، وتالياً بالعلاقة مع القوى السياسية السنية، يفترض أن يشكل إشارة مهمة، لأنه ينسحب على كل القوى السياسية.لم تغيّر حرب غزة ولا الوضع اللبناني المتدهور شيئاً في الموقف السعودي من الملف الرئاسي
ما يصل إلى بيروت أن السعودية قالت سابقاً وتقول اليوم الكلام نفسه، وتتعاطى مع الوضع السياسي العام وليس الرئاسي فحسب من زاوية إحداث تغييرات في البنية التي يفترض أن تتولى إدارة السلطة عند التوصل إلى أي تسوية. وحتى الآن، لا ترى الرياض نضوج هذا المنحى، ما يعني أن أي رهان على دعم سعودي سياسي ومالي ليس في محله، إذا كان الكلام الرئاسي لا يزال يدور حول تسويات ومقايضات كالتي طُرحت سابقاً ويجري التعامل معها كاقتراحات من اللجنة الخماسية. علماً أنه منذ انطلاقة هذه اللجنة والرياض تضع لها سقفاً سياسياً ومهمة وخطوطاً عريضة، وهي تراعي تحركها ورغبة دول فيها بالعمل من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، لكن من ضمن ضوابط سعودية تعبّر عن السياسة تجاه لبنان، وليس من خلال مسايرة أي طرف من ضمن دول اللجنة.
لا هدايا مجانية لا في الأسماء ولا في الاتجاهات، ولا في المشاريع والأموال، إذا كانت الأمور ستبقى على ما هي عليه، ومعها المسار اللبناني الحالي. ولم تغيّر حرب غزة ولا الوضع اللبناني المتدهور في الاتجاه السعودي شيئاً. فرغم أن الرياض تسلك سبيل التهدئة مع إيران، إلا أن الوضع الخليجي والعلاقة الإقليمية مع إيران مختلفان عن الحسابات في لبنان، بما ينعكس تمسكاً بالموقف الأساسي، وبسياسة عدم تقديم تنازلات وعقد تسويات على حساب لبنان، وهذا أمر محسوم في الحسابات السعودية حتى الآن.
لكن، في المقابل، ثمة خصوصية تتعلق بالإطار السياسي الداخلي اللبناني الذي يفترض أن يتحمل مسؤوليته في ما آلت إليه الأوضاع الحالية من سياسية واقتصادية واجتماعية، قبل التطلع إلى تحرك اللجنة الخماسية ورعاتها وانتظار تسوية تشمل في ما تشمل خططاً مالية واقتصادية لإنقاذ لبنان، من دول أن تحمل في جعبتها الكثير من الملاحظات على أداء القوى السياسية.