هل حقاً أن انقاذ سعد الحريري بات أكثر تعقيداً من انقاذ لبنان؟!
بادئ بدء… باستطاعة اللبناني أن يحلم بأن يغدو بثراء آل روتشيلد، وبأن يتناول العشاء مع مونيكا بيللوتشي (ننصح بهيفاء وهبي)، وبأن يصعد الى المريخ على متن دراجة هوائية. لكنه لا يستطيع حتى أن يخلع قميص أي قهرمانة من قهرمانات المنظومة السياسية.
الكورونا وصلت الى صاحب أعلى منصب في الدنيا (دونالد ترامب)، كما دخلت الى الغرف الملكية. بقيت بعيدة عن أي من أولياء أمرنا. هل هي الارادة الالهية أن نبقى رهائن في قبضة أولئك الذين حولونا الى هياكل عظمية على أبواب الغرباء والأقرباء؟
حتى عندما اندلعت ثورة الصرخات العارية، فوجئنا بأحصنة طروادة، بالوجوه الحزبية البشعة، تتغلغل بين الثائرين قبل أن تتقدم الصفوف. تذكرون رجل الدين الخارج للتو من أحد الكهوف، وهو يدعو الى التغيير (نحو العصر الحجري) بالعصي أو بالسواطير!
المنظّر العبقري للثورة ابن وزير سابق لكأنه صندوق القمامة بربطة العنق الفاخرة. غريب أمر هؤلاء الناس الذين يغسلون وجوههم بالوحول، وهم يحسبون أنهم يغسلونها بماء الورد…
ليس صحيحاً أن الكورونا لعبت ضد الثورة. ثمة كورونا أخرى تسللت الى الشارع. زعماء الأحزاب لاحظوا أن الشارع قد يصبح، بين ساعة وأخرى، في يد رجب طيب اردوغان. الأوامر أتت من الخارج: توقفوا…
ونحن نركض وراء رغيف الخبز، لسنا أكثر من غابة من عيدان الثقاب، وتدار بالريموت كونترول.
لا أحد منا يعلم اين تتشكل الحكومة وكيف. سعد الحريري يحاول الايحاء بأنه الآمر الناهي في المسألة، لكأن الأشباح لا تشاهد بالعين المجردة. قال على الشاشة انه مرشح لتشكيل الحكومة. أي حكومة بعد زوال الدولة اذا ما بقي هو، وبقيت القوى السياسية، في الثلاجة؟
الشيخ سعد بين عقوبات دونالد ترامب وتعقبات بهاء الحريري. أحد «زبائن» بيت الوسط اذ لاحظ، ضاحكاً، أن مستشار الشقيق الأكبر دانيال الغوش الذي أبدل اسمه بـ «جيري»، ربما لتطابق الدور بينه وبين أحد بطلي قصص «توم اند جيري»، اقنع بهاء بأن دونالد ترامب باق في البيت الأبيض، وهو عاقد العزم على تغيير الوضع في لبنان، ولو بالقوة العسكرية، لكسر الحلقة الأخيرة في مسار «صفقة القرن».
قال «نحن لا ننكر أن لجيري علاقات وثيقة، ومزمنة، مع أجهزة استخبارات غربية وعربية، وبأنه لاعب ماهر. ربما لهذا اختارت شخصية ما الاسم البديل لعائلته (ماهر). لكنه الرجل الذي يحترف اللعب في الأروقة الخلفية، أو وراء الجدران… «ولا ندري كيف بامكانه أن يسيطر على عقل بهاء، ويضع له ورقة استراتيجية يدخل عبرها الى المتاهة اللبنانية» !
اعتراف غير مباشر بأن بهاء الذي ما زال يعتمد السرية في نشاطه، تمكن، بالشعارات السحرية، وبالعملة الخضراء، أن يهز الكثير من كادرات تيار المستقبل في الشمال والبقاع، كذلك في بيروت واقليم الخروب.
الزبون الدائم في بيت الوسط رأى أن فوز جو بايدن لا بد أن يؤثر في خطة بهاء الحريري تنفيذ انقلاب أبيض داخل الطائفة السنية، وهذا ما يقتضي تبديلاً تكتيكيا في أكثر من مكان من خطة الوصول.
كثيرون من أهل السياسة يعتبرون أن الشعارات الصارخة التي يرفعها بهاء ضد حزب الله تجعل رهانه على قفزة وشيكة باتجاه السراي رهاناً عبثياً. ما يقلق رئيس الحكومة المكلف هو التقارير اليومية حول تحولات دراماتيكية في تيار المستقبل، حتى اذا لم يشكل الحكومة لا بد أن يضطر الى مغادرة لبنان والاقامة في باريس.
الآن، اعتماده الأساسي على العلاقة بين العراب الوحيد ايمانويل ماكرون وجو بايدن. هذا لا يعني أن الحريري ينام على حرير. يعلم أن القاعدة تميل أكثر الى شعارات شقيقه التي ان تبناها يخسر كل أمل في العودة الى السراي. صلوا من أجله. لا أحد يصلي من أجلنا…