قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث خاص لقناة “الميادين” مع رئيس تحرير القناة الإعلامي غسان بن جدو بتاريخ 11/6/2025: الميادين استطاعت أن تسد ثغرة كبيرة جداً في منطقتنا. نجاح الميادين في أن تكون الشمس التي تضيء بشكل مؤثّر لدرجة أنّ “إسرائيل” لا تتحمّل أن تنقلوا صورة الواقع وسام كبير.
وأضاف: عرفنا بطوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر كما عرف العالم. الإخوة في قيادة حماس في الداخل قاموا بهذا الإجراء العظيم والمؤثر والانقلابي والذي غير وضع المنطقة ولم نعلم به. خبر عملية طوفان الأقصى وصل إلى السيد حسن نصر الله بعد نصف ساعة من بدايتها.
وتابع: الفكرة التي بادر إليها السيد نصر الله هي إعطاء الأمر في اليوم التالي بقصف مزارع شبعا على مبدأ أنها أرض لبنانية محتلة.
وأضاف الشيخ قاسم: اجتمعت الشورى وقرّرنا الدخول في معركة إسناد وليس حرباً شاملة لأن الحرب الشاملة يجب أن تكون لها استعدادات. وكان هناك ثمن أن يفتح حزب الله المعركة بشكل شامل على قاعدة أنها ستكون استثنائية ويمكن أن تعطي نتائج غير عادية.
وقال: الدخول في حرب شاملة يجب أن يكون له استعدادات وهو ما لم يكن متوافرا. ولو خضنا الحرب الشاملة لكان هناك دمار وخراب وتدخل أميركي وتوسّع للأمور على نحو أكبر من دون تحقيق الأهداف المطلوبة. الهدف من المساندة كان التخفيف عن غزة ودفع الإسرائيلي نحو الذهاب إلى الحل.
وأضاف: لم يكن هناك تنسيق مسبق في بداية المعركة ولم نكن نعرف بها وبالتالي لا نستطيع الدخول في معركة شاملة. وصلتنا رسالة من غزة عبر أحد ما في لبنان وكانت رسالة من الشهيد محمد الضيف شخصيا. بعد مرور شهرين أبلغنا الأخوة في حماس بأنهم مقتنعون بأن المساندة تكفي وتؤدي الغرض المطلوب.
وقال: تبين أن الإسرائيلي متغول جداً والدعم الأميركي مفتوح بشكل مطلق. ومع هذا الإجرام الإسرائيلي غير العادي كانت قناعتنا أن ما هو أكثر من المساندة لن يحقق المطلوب. المساندة أخذت بعين الاعتبار كيف نخدم غزة وفي آن معا كيف لا نلحق الضرر بلبنان.
وتابع الشيخ قاسم: السيد حسن نصر الله كان دائما يكرر نحن لا نريد حربا في لبنان وكنا نأخذ بعين الاعتبار الوضع اللبناني بما لا ينعكس سلبا على طريقة الأداء في المواجهة. قرار الإسناد اتخذ بالإجماع في الشورى وكل قراراتنا الأساسية كانت هكذا. وعندما جاء طوفان الأقصى بدأ التنسيق تحت عنوان وحدة الساحات الطبيعية بسبب وحدة الأهداف التي نؤمن بها بشكل مشترك.
وأضاف: معلوماتي أن إيران لم تكن على علم بطوفان الأقصى بل إن قسما من قيادة حماس بالخارج لم يكن على علم بها كذلك. والإيرانيون درسوا وقدموا بما اعتبروا أنهم يستطيعون القيام به في هذه المرحلة. الدعم عسكريا وماليا وسياسيا وإعلاميا واستخباريا وكل ما يرتبط بهذا الأمر كانت إيران تقوم به.
وتابع: شكلنا لجنة تحقيق مركزية لم ينته عملها بالكامل وأنشأنا معها لجان تحقيق فرعية في قضية البيجر واستشهاد السيدين واللجنة المركزية ما زالت تعمل لكننا وصلنا إلى بعض القواعد العامة الواضحة تماما بناء على التحقيقات. وموضوع البيجر بدأ بثغرة كبيرة بحيث كان الإخوة يعتقدون أن عملية الشراء مموهة لكن تبين أنها كانت مكشوفة للإسرئيلي.
وأكمل: عملية شراء أجهزة البيجر المتفجرة تمت في السنة أو فترة السنة ونصف السنة الأخيرة. و تبين أن نوع المتفجرات الذي وضع في البيجر استثنائي ولا يمكن كشفه عبر آلية الفحص التي كان يتبعها الإخوة. لم نكن نعلم أن سلسلة الشراء مكشوفة ولم نستطع من خلال وسائلنا أن نكتشف وجود المتفجرات وتفجيرات البيجر كانت ضربة كبيرة جداً. وبعد ظهر يوم الـ18 من أيلول كان آخر اجتماع شورى عقدناه مع السيد حسن نصر الله وطبعا كان غاضبا جدا. وخلال اجتماع الشورى في الـ18 من أيلول كلّف السيد حسن نصر الله لجان تحقيق في تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي.
وأضاف: لم يكن قد وصل أحد إلى أن التنصت شبه شامل أو واسع بشكل كبير جدا إلى درجة أن الإسرائيلي يعرف كل شيء. وعلى مدى 17 عاما كانت الطائرات الإسرائيلية تخرج كل يوم وتحتفظ بداتا معلومات بشأن المتغيرات الجغرافية هنا وهناك. وتجمعت لدى الإسرائيليين معلومات كافية بشأن أماكن وجود القدرة بنسبة معينة. ولم نكن مطلعين على سعة معرفة الإسرائيلي واتخذنا إجراءات احتياطية لكن ما كان يعرفه الإسرائيلي أكثر. العمالة البشرية تصبح محدودة جدا أمام كم المعلومات الضخم الذي توافر عبر التنصت والمسيرات والإحداثيات التي أخذتها “إسرائيل”. و لا معطيات عن خرق بشري على مستوى شخصيات أساسية أو قادة في داخل الحزب. وحين ينتهي التحقيق سأتحدث بصراحة أمام الرأي العام بشأن الخرق البشري ومستواه.
وقال: الحزب انتصر بأن “إنهاءه” لم يحدث وتحقيق أهداف الإسرائيلي لم يتم وأننا مستمرون. كل الدنيا واجهت هذه المجموعة الصغيرة وبقيت واقفة بل إن الإسرائيلي أقام معها اتفاقا عبر الدولة اللبنانية. والغارات الأخيرة على 9 مبان في الضاحية بلا مبرر نفذها الإسرائيلي بالتعاون الكامل مع الأميركي وبإرشاداته.
وحيا الشيخ قاسم “فخامة الرئيس جوزاف عون والرئيس نبيه بري وقائد الجيش وكل المسؤولين المعنيين على موقفهم الموحد بعد قصف الضاحية”.
وحول استشهاد السيد حسن نصرالله قال: استشهاد سماحة سيد شهداء الأمة لم يكن مفاجئا للعالم كله فقط بل لنا أيضا. وكنت أتصور أن نموت كلنا ويبقى سماحة السيد بمعطيات العمر والشجاعة والقوة والتسديد الإلهي. ولا نعرف الأجل متى يأتي لكن ما كنا نتوقع أن سماحة السيد يستشهد في هذا الوقت. وربما من حق السيد حسن نصر الله أن يرتاح ويرتقي إلى المكان الأعلى. ولا نبكي لأنه غادر فهو رسم هذا الخط المستمر وإنما نبكي لأنه لا يعوّض بما كان لديه من إمكانات وقدرات وموقف وزخم.
وأضاف الشيخ قاسم: لن أتكلم بشأن أعداد الكوادر والإمكانات العسكرية بل أكتفي بالقول إنها ترمم ونحن نتعافى وجاهزون الآن.
وتابع: عندما خضنا الحرب كنا نرد عدوانا ومن الطبيعي عندما يوقف العدو عدوانه أن نكون مستعدين للتوقف لأننا لسنا من افتعلها. والرئيس بري أرسل إلينا المقترح الذي ناقشه مع هوكستين ووضعنا ملاحظات وجاء الاتفاق وتمت الموافقة عليه بإجماع الشورى. وليس صحيحا أن الإيراني هو الذي ناقش الاتفاق بل نحن أخذنا القرار ونحن أبلغنا موقفنا وهو قرار لبناني. والاتفاق وافقت عليه الدولة اللبنانية بالواسطة وبالمفاوضات غير المباشرة بعد أن وافق حزب الله وحركة أمل عليه. إيران فعلت كل ما عليها وأكثر والدعم هو مشاركة وما قامت به هو أقصى ما يمكن أن تفعله وهو ما نفعنا، والقائد السيد علي خامنئي كان يتابع الأحداث في غزة ولبنان يوميا وتصله التقارير وكان دائما يدعو المسؤولين إلى الدعم والمتابعة.
وردًا على سؤال حول سوريا قال الشيخ قاسم: ما حدث في سوريا خسارة لمحور المقاومة ككل لأنها كانت طريق دعم عسكري وأثر في غزة لأن النظام كان داعما للمقاومة. منذ اليوم الأول قلنا إن لا علاقة لنا بالوضع السوري الداخلي ونتمنى أن يقف النظام السوري في مواجهة “إسرائيل”. ولا نعرف شكل النظام السوري الذي سينشأ وهل سيكون الكل ممثلا فيه. مشيرًا الى ان “التطبيع الذي برز خطر جدا وثقتنا بالشعب السوري كبيرة ونعتقد أنه لن يقبله لكن كيفية ترجمته هذا الأمر هي مسؤوليته”.
وتابع: أتمنى أن توفق سوريا بأن يكون لديها نظام حكم من كل الأطياف وأن يقف الجميع هناك ضد “إسرائيل” والتطبيع. ولا علاقة لنا بالمقاومة في سوريا وليس لدينا مشروع مؤسس لمقاومة هناك. وحين وقعت الاعتداءات على الهرمل جرت محاولات للزج باسم حزب الله فتواصلنا مع الجيش اللبناني الذي جاء وتولى الأمر. ولا علاقة لنا بأحداث الساحل السوري ولا علاقة لنا بشكل النظام وكيفية صياغته ولا بشكل المقاومة وإذا كان هناك مقاومة.
وأضاف الشيخ قاسم: حول السلاح نريد أن نقوم بحوار بشأن الأمن الوطني وهناك ضغوط من أميركا وبعض الدول العربية على الرئيس عون باستخدام المقاومة لكنّه يعلم أنّ هذا الأمر فتنة. وأرى أن شيعة لبنان يتعرضون لتهديد وجودي إذا لم يبقوا واقفين على أقدامهم وما لم تتوقف الضغوط ومحاولات إثارة الفتنة.
وقال الشيخ قاسم: هناك من يعمل على أساس أنه يجب ألا نكون كحركة أمل وحزب الله شركاء في بناء الدولة وقيام لبنان. والرئيس بري لم يترك شيئا يرفع الرأس به إلا وفعله وهو حريص على الوحدة وعلى أن “إسرائيل” يجب أن تخرج من لبنان.
وختم قائلا: سماحة سيد شهداء الأمة قائد قلّ نظيره في العالم بل عبر التاريخ فهو أسس مشروعاً من أخطر وأصعب المشاريع، وسماحة السيد كان يتحدث من القلب ولا يقول شيئاً غير مقتنع به ولا يعرف أن يعبر عن حب غير نابع من قلبه. وأقول لسماحة السيد اطمئن إذ لدينا قيادات وكوادر ومجاهدون ومقاومون وجرحى وأسرى وشعب يقوم بالحمل.