حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لا يرى نفسه معنيّاً بإيجاد حلّ للانهيار الذي زجّ البلد به، نتيجة سياساته النقدية على مدى ثلاثين عاماً. الاقتصاد بالنسبة إليه ليس أكثر من معادلات حسابية، وأداة في خدمة “العربدات المالية” التي يقوم بها خدمةً لمصالحه ومصالح “فئة الـ 1%”، عوض أن يكون بخدمة المُجتمع وحاجاته. المُشتبه فيه بجُرم اختلاس وتبييض أموال، يُصرّ على التربّع في مركزه… مُعطّلاً لأيّ خطة ومُدافعاً عن أعضاء “حزب المصرف” ومُضحّياً بالسكّان. لكنّه ليس “المُجرم” الوحيد، بل ينضمّ إليه أعضاء الطبقة السياسية ــــ برُكنَيها مجلسَي النواب والوزراء ــــ الذين يتصرفون كـ”هواة” أمام واحدة من أكبر المصائب الاجتماعية في تاريخ البلد المُعاصر. آخر تجلّيات قلّة المسؤولية هذه كانت مع مسوّدة “ترشيد الدعم” وإقرار البطاقة التمويلية. المشروع “مش ماشي” وأمامه عراقيل عدّة، أبرزها اثنتان: غياب التوافق السياسي حوله، وعدم الاتفاق المُسبق مع مصرف لبنان على ضخّ البطاقات بالدولار الأميركي. وقد بُحثت المسألتان خلال اجتماعٍ للجنة الوزراء الاقتصادية الخميس، كان مُخصّصاً لاستكمال النقاش “بموضوع البطاقة التمويلية ودرس الخيارات المُتاحة لتأمين التغطية المالية لها”.
مصرف لبنان يبتزّ السلطة السياسية، يُريد أن يتم إصدار قانون يُشرّع له الصرف من حساب التوظيفات الإلزامية لديه، الذي يُسميه حساب الاحتياطي الإلزامي. هو اختراعٌ لسلامة، غير منصوص عليه في أيّ نص قانوني، استخدمه لنهب دولارات المودعين والمُساهمة في تكوين أرباح المصارف، قبل أن “يستفيق” على حقوق الناس. ومن هذا المنطلق أتى ردّ الحكومة له، الرافض لتشريع المسّ بالاحتياطي، لأنّه “لسنوات كان سلامة يمسّ بدولارات الاحتياطي ولم يسبق له أن طلب غطاء قانونياً”!
تقول مصادر متابعة لخطة “ترشيد الدعم” إنّه يُمكن “نعي البطاقة التمويلية وكلّ المشروع”. وتبقى نتيجة كلّ هذا التخبّط واحدة: البطاقةالاستيراد من دون حماية اجتماعية.
المصدر: صحيفة الأخبار