خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
بعد الحديث عن إمكان إطفاء دين الضمان المترتّب على الدولة، هل تُسجَّل نقطةٌ سوداء في ملف الحكومة اللبنانية إذا تصرّفت كيفما أرادت بحقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان منذ حوالى شهر من صندوق النقد الدولي؟
قد يختلف الخبراء الاقتصاديّون حول كيفية التصرف بهذه الحقوق، والتي تبلغ مليار و135 مليون دولار، لكن الكلّ يُجمع على ضرورة حصر إستخدام هذا المبلغ في قطاعات محدّدة دون غيرها، إلا أنه غداة اعلان وزير العمل مصطفى بيرم عن إمكان إطفاء دين الضمان المترتب على الدولة من حقوق السحب الخاصة، بهدف تعزيز صندوق تعويضات نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص، توجّهنا بالسؤال الى الخبير المالي والاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة الذي اعتبر أن الطريقة الصحيحة لاستخدام المبلغ في الأساس هي في استثماره لدعم قدرة الاقتصاد اللبناني على مواجهة كورونا، والقطاع الصحي هو في المقدمة. ويعيد عجاقة السبب الى الهدف الذي كان قد أعلن عنه الصندوق قبيل تحرير هذه الاموال لبعض الدول والمتمثل بمواجهة جائحة كورونا.
الصندوق لا صفة له كي يُلزم الحكومةَ اللبنانية بكيفية استخدام المبلغ، ولدى لبنان حرية التصرّف به، لكن الصندوق قد يسجل نقطةً سوداء في ملفها في حال سوء استعماله، يضيف عجاقة، الذي يرجّح أن تعمد الحكومةُ الى استشارة الصندوق في هذا المجال، مبدياً في الوقت عينه اعتقاده بنيلها الموافقة على استعمال جزء منه فقط، لإطفاء دين الضمان المترتب على الدولة، وذلك لأن الهدف نبيلٌ، ويأتي كمساعدة اجتماعية وخطوة انسانية، لكن عجاقة يرى أن هناك ضرورة في أن لا يتم تخطي صرف هكذا مبالغ مرة واحدة يجب عدم تكرارها، أي أن تكون خطوة موقتة غير مستدامة وتحت طائلة تسجيل نقطة سوداء في ملف الحكومة اللبنانية لناحية استخدام هذه المبالغ من حقوق السحب الخاصة بطريقة غير صحيحة وفي غير مكانها.
عندما حصل لبنان على المليار و135 مليون دولار من صندوق النقد، كان تركيزٌ على ضرورة استخدام المبلغ في البنى التحتية على غرار بناء معامل كهرباء، لكن لماذا؟
يجيب عجاقة موضحاً أن صندوق النقد والاقتصاديين يعتبرون أن استثمار هكذا مبالغ في البنى التحتية من شأنه ادخال هذه الاموال الى الماكينة الاقتصادية بما يؤدي الى خلق فرص عمل وتحريك العجلة الاقتصادية، فالبنى التحتية هي منصة يعمل الاقتصاد من خلالها، والهدف الأساس هو أن يكون مردود هذه الاموال على الاقتصاد طويل الأجل، وليس مردوداً ظرفياً وآنياً على غرار مساعدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي يمكن وضعها في اطار المساعدة الاجتماعية فقط، ولكنها مساعدة محقة ومباركة، بحسب عجاقة، الذي يستبعد استخدام مبلغ كبير من أصل المليار و135 مليون دولار كتسديد دين للضمان، بل ان المبلغ سيكون محدوداً، ومن المرجح عدم معارضة الصندوق لصرفه.
اقتراحاتٌ عديدة لاستخدام مبلغ حقوق السحب الخاصة، وهو ليس بمبلغ صغير، حديثٌ عن تمويله جزءاً من كلفة البطاقة التمويلية التي لم تبصر النور حيناً، أو للضمان الاجتماعي حيناً آخر، لكن لا حديث عن استخدامه في مشاريع عامة تعود بالنفع على كل المواطنين وسط الضائقة المعيشية التي تصيب السواد الأعظم منهم.