أعرب نقيب المقاولين مارون الحلو، عن تمنياته بـ”سنة جديدة يعمها السلام والأمان ويبدأ لبنان مسيرة التعافي فيها”، ولفت الى أن تفاؤله بالعام 2024 “يستند الى التعافي ولو البطيء الذي سجلته بعض القطاعات الإقتصادية خلال العام 2023 نتيجة استقرار سعر الصرف والنشاط السياحي صيفاً وفي موسم الأعياد حالياً، ما وضع الإقتصاد وفق تقرير للبنك الدولي على حافة تحقيق نمو إيجابي بنسبة 0.2% للمرة الأولى منذ بداية الأزمة”.
وقال: “هذا الأمر بنى آمالاً بأننا تتجه نحو توازن جديد في لبنان والمنطقة، لكن وللأسف فإن إندلاع الحرب في غزة وفتح جبهة الجنوب التي كان بالإمكان تلافيها لو تمتع المسؤولون عنها بتعقل وسعوا لإحتوائها بالحلول السياسية، أعاد الإقتصاد الى الإنكماش ولو بتقلّب محدود على وقع الخوف من مخاطر توسع رقعة الحرب. وعلى الرغم من ذلك آمل أن تنتهي هذه الأحداث الموجعة قريباً، ونصل بعدها الى السلام في المنطقة الذي سينسحب تلقائياً على لبنان، لأننا بأمس الحاجة الى الإستقرار للبدء بمعالجة جذرية لمختلف وجوه الأزمة التي يتخبط بها بلدنا والتي لا يمكن تخطيها ومعالجتها من دون سلام وأمن”.
أضاف الحلو: “إتطلاقاً من مصلحة وطننا، علينا العودة الى التفكير الهادىء والعمل على تغيير الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم. ولهذا فإنني أعول على الشباب اللبناني لإطلاق هذا التغيير وإختيار قيادات جديدة تتحلى بالمناقبية والطاقات والكفاءات والخبرات والشفافية لاستنهاض البلد من أزماته، وتدفعه الى اجتياز هذه المرحلة الصعبة”.
وفيما أكد أن “المستقبل سيكون أفضلاً إذا تحققت الإصلاحات المطلوبة للقوانين، مع إعطاء القضايا الإقتصادية والمالية والنقدية والإجتماعية الأولوية في المعالجة بحيث نعيد الحياة الطبيعية والكريمة الى المجتمع اللبناني”، رأى أن “الحلول لجذور الأزمة التي يتخبط بها لبنان تبدأ من السياسة التي على اللبنانيين تصحيح مسارها من خلال التعبير عن إرادتهم، بالتضامن والتوافق في ما بينهم لحماية مصالح لبنان الحيوية والسيادية وضمان ديمومته أولاً”.
وشدد النقيب الحلو على “ضرورة إطلاق حوار واسع بين كل الأفرقاء للإتفاق على كيفية تحديث النظام والقوانين بخاصة تلك التي عفا عليها الزمن لتتلاءم مع الظروف الراهنة، الى جانب إطلاق طبقة سياسية جديدة لتعمل على إستنهاض البلد من أزماته التي طال أمدها. وعلى الرغم من صعوبة تنازل السياسيين عن أدوارهم، إلا أن عليهم التحلي بالوطنية والقيام بعملية انتقالية لضخ دم شبابي جديد وتحقيق نقلة نوعية لإدارة جديدة للبنان، وليس من خلال نقل السلطة الى ورثتهم، كي نتمكن من إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تضمُ في مكوناتها شباب كفوء لإطلاق ورشة إصلاحية وتطويرية للقوانين التي تجاوزتها سُنة التطور، واختيار المسؤول المناسب في المواقع الأساسية”.
وقال: “لاشك، أن مفاعبيل الأزمة التي ستدخل عامها الخامس ستبقى قائمة بالتزامن مع تواصل العمليات الحربية في غزة وجنوب لبنان، ومع ذلك فإنني أتمسك بالتفاؤل لأنه العنصر الذي يبني المستقبل ويعطي الإنسان الحافز لمواجهة التحديات، التي سيأتي يوماً وتنتهي وكما يقول المثل “لكل ليل نهاية”، لأننا وشعوب المنطقة العربية تعبنا من المآسي والحروب التي لم تؤدي إلا الى الدمار والفقر وهجرة الشباب، والواقع اللبناني مثالاً صارخاً عما آلت اليه أوضاعنا”.
وعن إستمرار هجرة الشركات ورجال الأعمال الى خارج لبنان اكد الحلو “انه مهما تأزمت الامور سيبقى لبنان بلدا جاذبا لأبنائه، ومغادرتهم ستبقى مؤقتة بهدف دعم عائلاتهم المقيمة فيه، وحضورهم في المواسم والمناسبات هو تأكيد على اصرارهم على تشبثهم بوطنهم وحبهم له وللميزات الفريدة التي يتمتع بها على الرغم من الظروف الصعبة التي واجهوها من حجز اموالهم في المصارف والتي يجب ايجاد حل لها لنتمكن عندها من طيّ هذه الصفحة القاسية والبدء بمرحلة جديدة نبني فيها البلد ويستعيد الناس حقوقهم”.
وإذ جدد تأكيده “ان المقاولين لا يمكنهم إحتمال سنة جديدة من الأزمة التي تضغط عليهم أكثر فأكثر،لأن عدد المشاريع التي تُطرح اليوم لا تكفي ولهذا توجهوا للعمل في الخارج لتأمين إستمرارية شركاتهم المقيمة هنا وخصوصاً موظفيهم”، قال: “المؤسف أكثر، أن المتخرجين الجدد من المهندسين إختاروا مغادرة البلد بسبب غياب ظروف العمل التي ترضي طموحاتهم وهذه مسؤولية الدولة التي عليها تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي للنهوض بالبلد والمحافظة على أبنائه، لهذا أردد دائما أن قطاع المقاولات هو أول من يتوقف عن العمل وآخر من تعود اليه العافية، مع العلم أن أكثر من 50 في المئة من الشركات أقفلت مكاتبها في لبنان فيما البقية الباقية انتقلت الى الخارج بعد توقف حركة المشاريع، والجميع بانتظار عودة الحياة الى الدورة المالية الطبيعية من خلال طرح رؤية اقتصادية طموحة للنهوض بالقطاعات الاقتصادية بما فيها المصارف.
من هذا المنطلق أرى أن سنة 2024 ستكون مفصلية إن على صعيد إيجاد الحلول للأزمة المالية والإقتصادية أو لإعادة هيكلة القطاع المصرفي… وتحديث النظام السياسي الذي ليس سهلاً تحقيقه نتيجة التناقضات التي تحكم تطلعات المسؤولين”.
وختم النقيب مارون الحلو كلامه بنفي “ما يُشاع عن حدوث انفجار اجتماعي لأن الأمور تسير في تطور إيجابي، ولهذا فإن العام المُشرف على نهايته كان أفضل من السنوات الماضية ولو بنسب متفاوتة حيث كانت هناك جهود في عدة مواقع أعطت أملاً للبنانيين”، وقال: “لهذا أتوقع تحسناً في الاوضاع العامة إلا إذا تدهورت الحالة الأمنية عندها ستكون الأمور مماثلة لتلك التي شهدناها هذا العام.
في أي حال، آمل أن ندخل مساراً أفضل يساعدنا على الخروج من حال المراوحة حتى ولو لم نصل الى حلول جذرية للأزمات التي يتخبط بها البلد”.