لا يوجد أيّ عنصر جديد داخلي في الملف الحكومي والتحرّك لا يزال يراوح مكانه. في القصر الجمهوري، هناك تفاؤل حذِر حيال إمكانية حلّ الأزمة الحكومية وإنجاز التأليف بعد أكثر من 8 أشهر من المراوحة. وهذا التفاؤل الحذر مردّه الى عوامل ثلاثة:
– إستمرار سفر الرئيس المكلف سعد الحريري، فكيف يُحكى معه في صيغة أو تسوية أو تعديل لحلّ مسألة التأليف، هل بواسطة الحمام الزاجل؟
– تجاوب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مع طلب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل كان أقلّ من المتوقّع لأنّه رَدّ المبادرة الحكومية الى تحرّك بري الذي لم يعطِ نتيجة في المرة الأولى.
– دخول الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية في روما على الخط. وبالتالي، إذا كان هناك من دخول دولي على الخط الحكومي، فيجب إعطاؤه وقتاً، إذ إنّه لن يعطي نتائج فورية، لأنّ كلّ تحرّك ديبلوماسي يكون بطيئاً عادةً.
هذا إضافة الى أنّ مواقف الأطراف المحلية لم تتغيّر. فصحيح أنّ هناك هدنة أرسَت مناخاً إيجابياً لكنها لم تحرّك شيئاً على الأرض.
وعلى مستوى الاجتماع بين وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنطوني بلينكن ووزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، أخيراً، في روما، ترى مصادر مطّلعة لصحيفة “الجمهورية” أنّ هناك محاولة واضحة لجذب السعودية الى المشاركة في الحلّ اللبناني. فيما يكثر الحديث عن تَوجُّه الحريري الى الاعتذار عن مهمة تأليف الحكومة.
أمّا بالنسبة الى الحريري، فإنّ الإعتذار هو أحد الخيارات الموضوعة على الطاولة، وهو مطروح منذ فترة لكنّه تريّث في اتخاذه إفساحاً في المجال لمبادرة بري، وهذا الخيار لا يزال مطروحاً الآن، وقد تكون دوافعه ازدادت، لكنّه لم يصل الى لحظة القرار بعد، وفق ما تؤكد مصادر قيادية في تيار “المستقبل”.
وفيما يُحكى أنّ البحث عن بديل من الحريري بدأ، تكتفي مصادر القصر الجمهوري بالقول: “إنّ الحريري ما زال الرئيس المكلف وننتظر عودته من الخارج لتفعيل التأليف، أمّا في حال اعتذر فإنّ الأمر الطبيعي هو إجراء استشارات نيابية وتسمية شخصية لتكلّف التأليف”.
وتدور بين الأوساط المعنية روايتان عن مسألة اعتذار الحريري:
– الاولى، تقول إنّ قرار الاعتذار اتُخذ ويجري الآن البحث في التوقيت والبديل، ليكون البديل بموافقة الحريري. وإذا اعتذر الحريري فإنه لن يخرج مهزوماً، وسيكون البديل منه بالتفاهم معه. وبالتالي، من المُستبعد أن يأتي رئيس حكومة مثل الرئيس حسان دياب، بل ستُسمّى شخصية يُتّفق عليها مع الحريري ورؤساء الحكومات السابقين والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ومفتي الجمهورية، أي يتفق عليها السنة.
– الثانية، تقول، ان يعتذر الحريري وتُجرى الاستشارات ومن يحظى بالأكثرية يُكلّف. وهذه الرواية مُستبعدة لدى أفرقاء مُطّلعين، إنطلاقاً من أنّ بري لن يقبل بكسر الحريري، فضلاً عن أنّ “حزب الله” يركّز على عدم إثارة أي حساسيات سنية – شيعية.
أمّا في حال لم يعتذر الحريري، ولم تؤلّف الحكومة، فهناك خيارات سيتخذها الرئيس عون، وهو يعتبر أنّ هناك دوراً لمجلس النواب يجب أن يؤديه، فلا يُمكن ترك البلد يموت. وتقول المصادر القريبة من رئيس الجمهورية: “يجب أن يبرّر الحريري لماذا لا يؤلف ولا يعتذر. ليس معقولاً أن يبقى مسافراً وتاركاً البلد في هذه الحال”.