خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
وسط الحديث في الاروقة السياسية عن تصاعد الدور التركي في لبنان من خلال المساعدات وانشاء مدارس في الشمال، وفي المقابل الاتهامات التي وجهت لتركيا بالوقوف وراء بعض اعمال الشغب خلال التظاهرات، يُطرح العديد من علامات الاستفهام حول المخططات التركية في لبنان.
الباحث في الشؤون التركية محمد نور الدين الذي اعلن انه و”وفقاً للقاعدة فإن الدول التي تريد لعب أدوار ما في دول اخرى تحاول ملء الفراغ حيث وُجِد في حين ان تركيا معنيّة بلبنان ومن اكثر من زاوية”، ولفت الى ان “التطلّع التركي لاستعادة الهيمنة والنفوذ على معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية بما فيها لبنان في اطار ما سمّي بـ”العثمانية الجديدة” ليس بجديد، ولكن ليس بالمعنى الجغرافي بل بالنفوذ، فأنقرة تتدخّل في كل من سوريا والعراق وليبيا وغيرها، ولبنان ساحة مفتوحة لكل الدول واستخباراتها وخصوصا ان هناك ساحة سنية مساعدة فيه” كما قال.
وشرح نور الدين في حديث لـ”المدى” كيفية انقسام الساحة السنية في البلد، فرأى أن “هناك ما بين 50 و60% ممّن يؤيدون الرئيس سعد الحريري، و30% ممّن ينتمون الى “التيار الوطني والعروبي” بحسب نتائج الانتخابات الماضية، وتبقى نسبة تتراوح ما بين 10 و15% وهي شريحة يمكن أن تحاول أنقرة ان تلعب دوراً ما من خلالها” كما قال، ولذلك فإن “ركائز النفوذ التركي في لبنان غير كافية للتنافس او لبسط الهيمنة والسيطرة على الساحة السنيّة، بل يحاول الاتراك ملء الفراغ الذي أحدثه انكفاء مصر والسعودية والامارات ودول الخليج عن تقديم الدعم للبنان بشكل او بآخر” على حد تعبيره، ويرى انه “يمكن للاتراك فقط لعب دور المشاغب في لبنان”.
وعن عرض الجنسية التركية على تركمان ومواطنين لبنانيين آخرين، وما اذا كان الامر ذريعة لتتدخل تركيا في لبنان عندما تسنح الفرص، اوضح نور الدين أن “التجنيس ليس بجديد وكان قد بدأ منذ اكثر من 10 سنوات”، وتحدث عن سوابق لتركيا قائلا: “يشير البعض الى ان هناك في ليبيا حوالى مليون نسمة من قبيلة “كورأوغلو” وهي إحدى الدوافع التي يبرّر بها الأتراك تدخلّهم في هذا البلد لحمايتها، ولن يتردد الاتراك في استخدام هذه الذريعة اذا كانت لديهم النية بالتدخل العسكري في لبنان”، الا ان نور الدين استطرد مستبعدا هكذا نيّة لأنها بحسب تعبيره “تفوق الخيال”.
واعتبر ان “هؤلاء المجنّسون والجماعات من أصول تركية في كل العالم العربي هم الأذرع الرئيسة لحركة تركيا في لبنان والدول العربية، واحدى هذه الأذرع هي تنظيمات “الاخوان المسلمين” المتنوعة، ومنها “الجماعة الاسلامية” في لبنان، ويمكن ان يكون هؤلاء ركيزة نفوذ تركية في حال أرادت أنقرة القيام بدور ما على هذا الصعيد عندما تكون الظروف مؤاتية واذا كان الأمر يتطلّب منها ذلك”.
وعن التنافس بين أنقرة وطهران في لبنان، في حين أن التنسيق مستمرّ بين البلدين حول ملفات المنطقة ولا عداوة بينهما، قال نور الدين ان “العلاقات الثنائية بين البلدين هي طبيعية وايجابية على مدى عقود وبمعزل عمّن يحكم البلدين وهذه ثابتة، لكن عدا العلاقات المباشرة فإن كل الساحات الاخرى هي في الوقت عينه ساحات صراع وتنافس وتعاون بين الدولتين”. واعتبر “انه وبسبب الصراع التركي مع السعودية والامارات ومصر، وفي الوقت عينه خلاف ايران مع هذه الدول اضافة الى دول خليجية اخرى، بات هناك قاسم مشترك يجمع بينهما ويتمثل بمواجهة عدو واحد”.
وفي حين لفت نور الدين الى ان “بالامكان ان تشهد الساحة اللبنانية تعاوناً ضمنياً بين تركيا وايران، الا أن هذه الساحة لديها خصوصيّات تجعل من طهران وحلفائها في لبنان يخطون خطوات بعيدة عن التعاون مع أنقرة، وفي بعض الاحيان تتم مواجهة تركيا، والمثال على ذلك تأييد حزب الله حليف ايران للدور الفرنسي المستجد في لبنان، والذي تعتبره تركيا في المقابل عاملاً سلبياً”.