جنان جوان ابي راشد – خاص “المدى”
وسط التوتر الاقليمي المتصاعد، تحرّشات اسرائيلية شبه يومية وخرق للسيادة اللبنانية وعمليات ضد حزب الله في سوريا.
لكن هل تدل المؤشرات الى امكان اندلاع حرب بين حزب الله والعدو الاسرائيلي؟
ميدانياً، سُجل استنفار اسرائيلي على الحدود مع لبنان خشية ردّ محتمل من حزب الله على استشهاد أحد عناصره في قصف إسرائيلي في سوريا، وقد هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاحد لبنان وسوريا، معلنا انهما سيتحمّلان المسؤولية عن أيّ عمل ضد إسرائيل ينطلق من أراضيهما.
سياسيون ومحللون من توجهات سياسية مختلفة قرأوا ل”المدى” في المشهد الحالي وفي توقعات حدوث حرب، فاعتبر النائب عن التيار الوطني الحر آلان عون أن معادلة الردع تمنع الحرب منذ العام2006، فالحرب مكلفة وهناك تجنب لحدوثها، لكن عون اكد في الوقت عينه أنه لا يمكن أن نكون مطمئنين، بل علينا التنبّه من ان الاعتبارات الاقليمية والدولية قد تتبدّل لمصلحة تطور عسكري معيّن، خصوصاً في ظل التوتر والاحتقان الحاصلين في المنطقة، داعيا الى تفادي اندلاع الحرب من خلال تحصين وحدتنا الداخلية ومن خلال علاقاتنا الدولية.
اما القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش فلم يستبعد وقوع حرب طالما أن حزب الله يتوعّد بإزالة اسرائيل. وقال: على الرغم من أنني أشكك بهذا الكلام لحزب الله، الا أن اسرائيل هي في حالة توقّع للحرب ويمكن أن تبدأ بهجوم استباقي على ما وصفها بالمنظومة الايرانية لقطع التواصل بين ايران وحزب الله، فالتحرشات الاسرائيلية تصاعدت كثيراً منذ حوالى سنة، معتبراً ان اسرائيل ربما تستدرج الحزب الذي ستتأثر سمعتُه في حال لم يردّ، أما في حال عمد الى الردّ فإنه سيشكّل ربما مسوغاً للعدو لاطلاق حرب شاملة في المنطقة.
واشار علوش الى ان اسرائيل قد لديها استشعار بلحظة ضعف داخل المنظومة الايرانية، الا أن قرار شن الحرب هو قرارٌ دوليّ، فإيران تحت الحصار وهناك دول عدة تسيطر على سوريا وأهمها روسيا التي لا يبدو ان لديها حماساً لدعم الايرانيين على الأقل عسكرياً كما قال.
اما مدير مركز الشرق الجديد للدراسات والاعلام غالب قنديل فاستبعد من ناحيته وقوع حرب، معتبراً ان الترقب لردّ المقاومة على استشهاد احد عناصرها في سوريا هو سيّد الموقف حالياً، لافتا الى ان حزب الله يحتفظ بسرّ المكان والتوقيت وطبيعة الردّ وأن الغموض هو أحد تكتيكات المقاومة. واكد قنديل ان الضغط الاميركي مستمر على المنطقة ومن ضمنها لبنان لاستمرار الهيمنة عليه ولمنعه من التوجه شرقاً، وقد تصاعدت الضغوط الاميركية- الاسرائيلية في الفترة الاخيرة.
الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر استبعد بدوره امكان الانزلاق نحو حرب في المنطقة على الرغم من الاجواء الضاغطة فيها، وذلك لاسباب متعددة، منها أن الجيش الاسرائيلي ليس في وضع جيد وليس جاهزاً للحرب برّاً وفق التقارير والدراسات العسكرية، ولأن الرئيس الاميركي دونالد ترامب ليس رجل حروب بل هو رجل ضغوط ورجل أعمال ومال، ولأن ايران لم ولن تتوّرط في أي حرب مباشرة، وهذه إحدى دروس حرب العراق على حد تعبير منيّر الذي لم يستبعد في الوقت ذاته حصول غارات او عمليات محدودة، مشيراً الى قناعة لدى كلّ من اسرائيل والولايات المتحدة بأن الضغوط الاقتصادية كفيلة بأن تثمر عن النتائج الممتازة المرجوة من قبلهما مع الاستمرار بتهويلهما بالحرب .
لا يمكن الحسم بامكان اندلاع حرب بين لبنان والعدو الاسرائيلي من عدمه، فإسرائيل يمكن أن تُقدِم على حرب كخطوة للهروب الى الأمام كما يمكنها أن تُحجِم عنها، خصوصاً وأن تهديداتها تأتي بالتزامن مع تجدد التظاهرات المنادية باستقالة نتنياهو الذي يخضع للمحاكمة بتهم فساد، وفيما تتعرض حكومتُه لاتهامات بالتقصير في مواجهة كورونا.