خاص المدى جنان جوان أبي راشد
مع التشدد في الوقاية من فيروس كوفيد19 بطرق غير مسبوقة تاريخياً ولفترة طويلة، تراجعت بشكل لافت الإصابات بفيروسات الإنفلونزا، علماً أن هذا الفيروس كان يقتل في الولايات المتحدة الاميركية ما بين 30 و40 ألف شخص سنوياً.
فعندما يتراجع عدد المصابين أو عدد ناقلي العدوى لأي فيروس من فيروسات الإنفلونزا التي تعتبر مشابهة لفيروس كوفيد19 يصبح الفيروس أقل فتكاً وقدرةً على الانتقال والعدوى بين البشر، ولهذا السبب كان لبنان عِبرة لدول العالم في بداية انتشار جائحة كورونا مع الالتزام الكبير بالوقاية، وتسجيل أعداد محدودة جداً في الاصابات بكوفيد 19، قبل أن يمتلء “الخزان البشري” ويبدأ بالفيضان والتوزيع اي الانتشار الواسع للفيروس، كما يقول رئيس قسم الأمراض الرئوية والعناية الفائقة في مستشفى القديس جاورجيوس في الاشرفية الدكتور جورج جوفيليكيان.
هل ستندثر وتتلاشى فيروسات الإنفلونزا؟!
يقول جوفيليكيان ل “المدى” إن شكل الرسم البياني لانتشار فيروسات الانفلونزا في العالم بات لافتاً جداً، فقد تحوّل الى خطّ أفقي ومسطّح منذ بداية انتشار كورونا والتزام الوقاية منه، مشيراً الى انخفاض عدد الاصابات بالانفلونزا بنسبة قد تصل الى 90%، وذلك لأن الخزان البشري حامل العدوى بات شبه فارغ وانتشارَها بات محدودا جداً، وسيصبح هذا الفيروس من دون فاعلية الى حد كبير في الاشهر المقبلة، وسينسحب الأمر على الارجح على العام المقبل، اذ سينخفض عدد الاصابات والوفيات كثيراً، وخصوصاً أن قدرة انتشار الانفلونزا أضعف من قدرة كوفيد 19، الا أن جوفيليكيان يعتبر أن تعبير “اندثار” كبير جداً ولا يمكن استخدامه حالياً، وأن نسبة قدرته على قتل البشر ستبقى موجودة على الرغم من تراجع اعداد الاصابات وبالتالي تراجع نسبة الوفيات، بعدما كان يقتل الملايين حول العالم سنوياً.
ويلفت جوفيليكيان الى أن لقاح كورونا يعتبر أكثر فاعلية من لقاح الانفلونزا الذي تصل نسبة الحماية جراءه الى ما بين 20 أو 30%، وفي أحسن الأحوال الى 50%، وذلك بسبب وجود الملايين من فيروسات الانفلونزا، كانفلونزا الطيور والخنازير وغيرهما، ويضيف ان ما يُعرف بالانفلونزا أو ال grippe، هو مفهوم واسع جدا، واللقاح الذي يعتمد للوقاية منها، هو ضد الفيروس الذي حقق الانتشار الاوسع في العام السابق.
اذاً، الفيروسات كالمخلوقات الحيّة، تحاول الحفاظ على نفسها وتتحوّر وتتغيّر على شكل سلالات جديدة، بعد انتقالها من الحيوانات والطيور الى الانسان، هناك الملايين من فيروسات الانفلونزا حالياً على الكرة الارضية، من المتوقع أن تتراجع قوّتها بعد تراجع أعداد الاصابات بها، الا أنها لن تندثر أو تتلاشى كلياً بحسب جوفيليكيان وستستمر في احداث بعض الوفيات.