بعدما تعذّر تشكيل الحكومة، حتّى الآن، بسبب تعثّر الاتفاق بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة وفق ما تنصّ عليه المادة 53 من الدستور، تُثار إشكالية، من قبل الأوساط النيابيّة والقانونيّة، حول إمكانية تعويم الحكومة المستقيلة، عبر مدّها بالثقة في مجلس النواب، كي تُصبح مكتملة الأركان أو الأوصاف الدستوريّة، وتمارس، استطراداً، الصلاحيات الرئاسيّة عملًا بالمادة 62 من الدستور.
بناءً عليه، لا يمكن لحكومة خسرت، أساساً، مسؤوليتها البرلمانية، وتالياً كيانها الدستوري، أن تطلب من المجلس النيابي مدّها بالثقة المفقودة، أصلاً، بحكم الدستور. فسيادة البرلمان لا تعلو على سيادة الدستور، على اعتبار أن الدستور نفسه كان قد دعا الحكومة، كهيئة جماعيّة، لا كوزراء، إلى ممارسة صلاحياتها ولو في الإطار الضيّق، في حين أن رؤساء الحكومات أفرغوا ما يحتويه الدستور من أحكام تجيز، بمنطوق الفقرة الثانيّة من المادة 64، انعقاد حكومة تصريف الأعمال، وعمدوا، عن قصدٍ، إلى الامتناع عن عقد جلسات حكوميّة تتفق مع مقاصد المشرّع الدستوري، وكذلك مع اجتهاد مجلس شورى الدولة الّذي أكّد، في قرارات مختلفة، جواز انعقاد حكومة تصريف الأعمال، وتالياً جواز اتخاذها قرارات تصرفيّة عند الضرورة (حالة حرب، كوارث، أزمات مالية استثنائية، أعمال إدارية يجب إجراؤها في مهل قانونيّة معيّنة…)، ما يبدّد الحاجة إلى هرطقة دستوريّة، هنا أو هناك، من أجل الحفاظ على توازنات سياسيّة لا دستوريّة، ما دام أن حكومة “تصريف الأعمال”، تبقى مسؤولة، عن أعمالها الإداريّة، أمام مجلس شورى الدولة نفسه!
المصدر: الأخبار