منذ توقيف جزار معتقل الخيام، عامر الفاخوري، يوم 13 أيلول الفائت، لم يهدأ النظام الأميركي سعياً إلى إخراجه. دبلوماسيون وأمنيون ومشرّعون ومسؤولون من مختلف الرتب في الإدارة الأميركية، يضغطون على لبنان، أمناً وقضاءً وسياسيين، من اجل ضمان خروجه من السجن. في الثالث من كانون الأول الجاري، تحدّث مسؤول في الخارجية الأميركية لعدد من الصحافيين، التقاهم في بيروت، جازماً بأن الفاخوري سيخرج من السجن، وأنه بحاجة إلى التقدم ببعض الطلبات من أجل ذلك. وفي الكونغرس، يجري التحضير لمشروع قانون يطالب الحكومة الأميركية بوقف المساعدات التي تقدمها إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية في حال عدم الإفراح عن الفاخوري. اهتمام واشنطن بالفاخوري وصل إلى حد أن «قضيته» ستكون على جدول أعمال نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، في زيارته لبيروت الأسبوع الجاري. وعدا عن ذلك، علمت «الأخبار» أن السفارة الأميركية في بيروت بدأت العمل حثيثاً في الخفاء من أجل تهريب الفاخوري الى الولايات المتحدة، بذريعة اكتشاف إصابته بمرض السرطان. وبمسعى أميركي، نُقل الفاخوري أخيراً إلى مستشفى أوتيل ديو، حيث يمكث حالياً، كمقدمة لعملية تهريبه التي يُراد لها أن تتم قريباً جداً، استغلالاً للأوضاع الراهنة في البلاد.

وقد تقدّم وكلاء الفاخوري بطلب لإخلاء سبيله قبل نهاية الأسبوع الفائت. ومن المتوقع أن ترفضه قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، بعدما اعترض عليه ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي كلود غانم. وتقاوم أبو شقرا الضغوط في هذا الملف، علماً بأن وكلاء الفاخوري سيقدّمون لها تقارير طبية «تُثبت» إصابته بالسرطان، وسيطلبون إخلاء سبيله لأسباب «إنسانية»، ولضرورة خضوعه للعلاج في الخارج. لكن صمود أبو شقرا والنيابة العامة العسكرية والنيابة العامة التمييزية، ومعهم وزير الدفاع الذي يمنحه قانون القضاء العسكري صلاحيات واسعة في النيابة العامة العسكرية، لا يضمن عدم إخلاء سبيله. فوكلاء الدفاع عن العميل سيطعنون بقرارها، في حال رفضها إخلاء سبيله، أمام محكمة التمييز العسكرية. وهنا مكمن الضغوط القصوى، لأن معظم أعضاء المحكمة هم من العسكريين، ويخضعون في العادة لنفوذ قيادة الجيش التي تربطها صلات «مميزة» بالأميركيين.
وسبق أن وافق القضاء على نقل الفاخوري، القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام ولثكنة الخيام في عصابات أنطوان لحد العميلة لإسرائيل، من مقر توقيفه الى المستشفى العسكري، بذريعة إجراء فحوصات طبية له. لكن هذه الفحوصات دامت لأسابيع. وتجدر الإشارة الى أن الموقوفين «المدعومين» يحظون بترف تمضية الجزء الأكبر من مدة توقيفهم في المستشفى. لكن نقل الفاخوري الى «أوتيل ديو» ليس من ضمن عمليات النقل المعتادة التي ترمي الى التخفيف من وطأة الظروف السيئة لمراكز التوقيف على السجين، بل إن الهدف منها هو تهريبه الى الخارج بذريعة المرض العضال.يُذكر أن الفاخوري عاد الى بيروت في أيلول الفائت، آتياً من الولايات المتحدة الأميركية التي يحمل جنسيتها أيضاً. وكان الفاخوري أحد كبار عملاء عصابات أنطوان لحد، وكان مسؤولاً عن معتقل الخيام. وبعد عودته، تبيّن أن الحكم الغيابي الصادر بحقه عن المحكمة العسكرية سبق أن أسقِط بمرور الزمن. ومنتصف الأسبوع الماضي، أصدرت محكمة التمييز العسكرية قراراً ردّت بموجبه استئناف وكلاء الدفاع عن الفاخوري لقرار قاضي التحقيق العسكري الذي رد طلب اعتبار الجرائم المنسوبة الى الفاخوري ساقطة بمرور الزمن. وإحدى الدعاوى المقامة ضد الفاخوري تتصل بإخفاء أحد أسرى معتقل الخيام، علي حمزة، الذي لم يُعرف مصيره إلى اليوم، ولا يزال في سجلات الدولة اللبنانية حياً. ويُعدّ هذا الجرم متمادياً، ما يعني عدم سقوط الملاحقة عن الفاخوري بمرور الزمن.