وكأنه لم يكفِ اللبنانيين مصائب ومآسي لكي تجتمع عليهم لعنة الأقدار وآخرها الأمنية بعد الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والانسانية!
مع كل ما يعانيه لبنان من كوارث ذات وجوه متعددة وسط اتجاه حثيث نحو الكارثة، كانوا أمس على موعد مع إنفجار ربطه اللبنانيون، المسيسين بطبعهم، بقرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري المقرر إعلانه غدا، بينما ذهب كثيرون، وبينهم سكان المنطقة والمحيط باستهداف اسرائيلي لمخزن ذخيرة تابع لـ«حزب الله»، بينما ذهب معظمهم في اللحظات الاولى الى اعتباره زلزالا يضرب لبنان للمرة الأولى في تاريخه لناحية قوته!
في منطقة المجزرة في المرفأ، يبدو المشهد مأساويا. قتلى ودماء وبكاء وعويل وسط الغبار والزجاج وحتى الحديد المتناثر. ومع بدء انقشاع الرؤية، تتبدى اكثر مأساوية المشهد حتى النكبة. فقد مُسحت منطقة الانفجار بالكامل! منعت كثافة النيران حتى رجال الامن من الاقتراب ناهيك عن المسعفين والاعلاميين وكل من هب للنجدة والبحث عن مفقودين تحت الحطام لم يكن في استطاعتهم التعويل في البدء على أكثر من طوافة انقاذية واحدة لإطفاء الحرائق! وكل من تسنى له الدخول الى مكان الحرائق خرج باكيا وراجيا من في الخارج عدم الدخول! لكن كيف ذلك واعداد المفقودين كانت في تصاعد جنوني بينما تسمّر كثيرون داخل المكان وتحت الشاحنات والمباني.. وفي البواخر!
يمكن وصف مسرح الدمار بالكارثة الإنسانية بكل المعاني من دون الحديث عن مفاعيلها المقبلة التي يتناقلها سكان المحيط في الكرنتينا والصيفي والأشرفية وبرج حمود الذين جاء وقع الانفجار في المرفأ صاعقا عليهم، قبل ان يخرجوا من منازلهم ومكاتبهم ليطلوا بأسى على أرزاقهم وقد سُوت بالأرض وسط الحطام المتناثر بجنون والمنازل المشرعة على الغريب بعد فقدان واجهاتها!
هو الجنون بعينه إذ يطل من جديد على اللبنانيين ويزيده بشاعة ذلك الغموض الذي يحيط بحادث لا يمكن الجزم بطابعه الأمني أو السياسي، بينما تعامل سكان المنطقة بكثير من السخرية مع مقولة «المفرقعات» النارية التي سمع دويها عشرات الكيلومترات جنوبا وجبلا وشمالا!