نظمت كلية الحقوق في جامعة الحكمة مؤتمرا، قبل ظهر اليوم، تحت عنوان: “التحديات أمام السلطة القضائية وسبل معالجتها”، برعاية وحضور وزير العدل المحامي عادل نصار .
وشكر الوزير نصار جامعة الحكمة على تنظيمها للمؤتمر وعلى حضورها في المشهد التربوي وعلى ما تنتجه من نخبة للمجتمع اللبناني ما يؤدي إلى تطوير هذا المجتمع والمؤسسات، وقال :”أنا فخور بأني اتكلم من صرح هذه الجامعة امامكم اليوم وسأتكلم عن موضوعين أساسيين: الأول موضوع قانون إستقلالية القضاء الذي هو موضوع أساسي ولا أؤيد ما قاله البعض بأن قانون استقلالية القضاء يتم بناؤه اليوم لانه كان هناك استقلالية في السابق إلا أنها كانت غير كافية أو بحاجة إلى تطوير والمطلوب أن نضيف إلى هذه القوانين ما يؤمن الاستقلالية”.
ووجه نصار تحية إلى جميع قضاة لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى والرؤساء السابقين “على كل ما أنجزوه خلال الفترة السابقة، لأننا لا نبني اليوم استقلالية وكأنه لم يكن هناك استقلالية في القضاء في الماضي بالمطلق ، بل كان هناك استقلالية وكان هناك شوائب والمشروع الذي سيعرض على مجلس النواب بعد حوالي أسبوع والنقاش الذي سيحصل حوله يهدف الى تطوير وتحسين هذه الاستقلالية ولكن مع الاستقلالية يجب أن نتكلم عن الثقة التي يجب إعادة بنائها فالثقة مفقودة في المؤسسات ،في القواعد الديمقراطية، في القضاء والثقة بأنفسنا.. اما لماذا فقدت الثقة فالأسباب كثيرة. فقد تغيرت الظروف في كل العالم و تكاثرت مواقع التواصل والوسائل الإعلامية وكثر التشكيك وأصبح هناك تشكيك في كل شيء”.
واضاف :” نحن اليوم في جامعة الحكمة “والحكمة” أصبحت اليوم ضرورة في كل ما نقوم به كمسؤولين “الحكمة” في إدارة البلد ،في استعادة سيادة لبنان واستقلاله ، الحكمة في استعادة دولة القانون ..”فالحكمة” أساسية و من غير “حكمة” لن نصل إلى أي مكان ولن نحقق أي هدف ومن غير حوار فيما بيننا لن نصل إلى أي مكان لأن القضاء في النهاية هو جزء من المجتمع وعندما يشكك المجتمع في كل شيء من المؤكد أنه سيشكك في قضائه، إذا ً نحن اليوم في معركة ليس فقط لاستقلال القضاء بل نحن في معركة لاستعادة الثقة التي تمر “بالحكمة” وبالقدرة بأن نتوقف قليلا وننظر إلى نظامنا الديمقراطي وإلى ماضينا المليء بالصعوبات كما بالإنجازات ويجب استعادة هذه الثقة بأنفسنا وبقدرتنا على التطوير دون أن نعتبر أن ما تم في السابق لا نريد الاعتراف به وبكل ما تم إنجازه بالماضي لأن ما يمكن أن ننظر إليه في الماضي يساعدنا على إصلاح ما يمكن إنجازه في المستقبل . كلما ندفن ماضينا سنشكك في مستقبلنا لذلك يجب مواجهة ماضينا وتقبّل الشوائب والإنجازات ولنتذكر أن القضاء الذي عمل في لبنان في ظروف جداً صعبة مادياً وأمنياً وسياسياً استطاع الاستمرار وهذا الاستمرار هو الحجر الأساس لبناء استقلالية متطورة اليوم . وبالممارسة، لذلك يجب علينا اليوم أن نتمتع بالثقة والحكمة فالأولى دون الثانية لن توصلنا إلى مكان” .
وتابع : “اما بالنسبة لمشروع القانون الذي سيعرض على مجلس النواب فهو مبني على مبدأ الحكمة التي تسمح للجسم القضائي المحافظة على تماسكه وانصهاره وفي الوقت نفسه أن يكون قادراً على تجديد نفسه وأن تتم تعيينات المجلس القضاء الأعلى إمّا من خلال الإنتخاب وإمّا من خلال اقتراح أسماء من قبل القضاء ويتم تعيينها من قبل السلطة التنفيذية. وهذا التوازن بين الاثنين يسمح للقضاء في الوقت نفسه بناء استقلاليته والمحافظة على هيبته وتماسك الجسم القضائي .
فليس المطلوب أن يتحول القضاء إلى مسرح انتخابي وليس مسموحاً أيضا أن تؤثر السلطة التنفيذية على مسار القضاة وعملهم وهذا التوازن الذي عملنا عليه في قانون استقلالية سلطة القضاء يتضمن أيضا استقلالية مادية لنصل إلى موازنة خاصة بمجلس القضاء كما يتضمن ضرورة تقييم القضاة واستقلالية التفتيش القضائي وآلية تعيين مجلس القضاء الأعلى.
كل هذه العناصر تم إدراجها في القانون الجديد وسنحاول من خلال هذه العناصر إعطاء السلطة القضائية زخما جديدا وسنستعيد أكثر وأكثر ثقة المجتمع بالقضاء “.
واضاف نصار ” كما يتضمن القانون الجديد حق التعبير وحق إنشاء جمعيات ولكن ضمن أخلاقيات وواجبات القضاة بالمحافظة على حيادهم وعلى استقلالهم ، أي النظر إلى الملف دون تأثر بالعوامل الخارجية أي العوامل السياسية والضغوطات. وختم :” صحيح أن هذا القانون يحمي القضاة من السلطة السياسية ولكن يعود للقاضي أن يحافظ على حياده تجاه الضغوطات التي من الممكن أن تؤثر على عمله” .