تتصاعد الضغوط الأميركية على لبنان، وهي لم تعد تقتصر على المقاومة أو حلفائها، بل أصبحت “داخل البيت” الأميركي. فبدت لافتة أمس تهديدات أميركية لمصرف لبنان – لا لحاكمه رياض سلامة المحمي من واشنطن – عبر صحيفة “وول ستريت جورنال”. العقوبات – إن فرضتها الولايات المتحدة – ليست عقوبات على المصرف المركزي، بل إعلان حربٍ على لبنان بنيّة تدمير اقتصاده الهش أصلاً. فمعاقبة المصرف المركزي تعني عزل لبنان نهائياً عن النظام المالي العالمي، بحسب “الأخبار”.
ما تقوم به الولايات المتحدة عبارةٌ عن مشروع خطير، وهي “تُبرّر” قرارها بأنّ “المنظومة الحالية تآخت مع حزب الله إلى درجة أنّها لا تصلح لمواجهته”، لذلك لا حلّ أمامها سوى بترك لبنان ينهار بشكل تامّ، علّها تستطيع فرض نظامٍ جديد وانتقاء “مُمثلين” جُدد لها، بعد أن انتهت “مهمة” المسؤولين الحاليين. هذا الكلام عبّرت عنه مؤخراً دوروثي شيا أمام عددٍ من الأشخاص، من دون أن يُقنعها كلام بعضهم بأنّ “نسبة تأثّر حزب الله من كلّ تلك الضغوطات لا تتعدّى الـ10%، لما لديه من قدرات اكتفاء ذاتي”.
الرسالة الأميركية لا تبدو موجهة ضد رياض سلامة، بل هي موجهة ضد لبنان. ومن غير المستبعد أن تكون في إطار التنافس الأميركي – الفرنسي على وراثة سلامة في حاكمية مصرف لبنان، وتهويل بقدرة واشنطن على فرض عقوبات شاملة على لبنان، عبر معاقبة مصرف لبنان (لا حاكمه، لأن معاقبة سلامة تنتهي مفاعيلها “القانونية” العامة، لا الشخصية، بإقالته وتعيين بديل له).
وأعلنت مصادر فرنسية أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “لا يوافق على تدقيق خارجي، وهو يدّعي تعامله مع شركات تدقيق تشهد على دقّة حساباته، وهذا غير صحيح”. وكشفت لـ”الأخبار” أن “مصرف لبنان لا يتّسم بالشفافية، وسوابقه تدفع الجهات الدولية وصندوق النقد إلى طلب التدقيق الجنائي الخارجي”. أما بالنسبة إلى بنك فرنسا المركزي، “فتقديمه المساعدة لا يُعتبر تدقيقاً”.
لا يُنكر مُقرّبون من سلامة «الفيتو» الفرنسي عليه، بصرف النظر عن الخلفيات، تؤكد معلومات “الأخبار” أنّ سلامة خلال زيارته فرنسا “لم يلتق أي مسؤول مالي له علاقة بالملفّ اللبناني”، فالحاكم “فقد ثقة الجهات الدولية به، التي وضعت مواصفات الحاكم الجديد، بأن لا يملك طموحاً سياسياً، وأن يكون مُطلعاً على تفاصيل الإدارة اللبنانية، ويُزوّد الجهات الدولية بالتقارير المالية المطلوبة. والاسم أصبح جاهزاً”. القرار الخارجي مُتّخذ بعدم “إقراض لبنان حتى ولو شكّل سعد الحريري حكومته، فالمطلوب تنازل سياسي من جانب حزب الله، وإجراء التدقيق الجنائي”.