كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم لمناسبة عيد المقاومة والتحرير 25-05-2025:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحتفل اليوم بِعيد المقاومة والتحرير للسنة الخامسة والعشرين، هذا العيد الذي تَوج مكانة لبنان في المنطقة والعالم، هذا العيد الذي استطاع أن يَقلب المعادلة وينقل لبنان من الضعف إلى القوة، هذا العيد الذي جعل اللبنانيين يعيشون الكرامة والعزة والسيادة على أرضهم.
في هذا اليوم سأتحدث بِثلاثة مواضيع:
الأول: عن عيد المقاومة والتحرير
الثاني: عن الوضع الحالي
الثالث: عن الانتخابات البلدية
أولاً، حول عيد المقاومة والتحرير:
ما الذي حصل حتى نمت هذه المقاومة العظيمة واستطاعت أن تُحقق هذا الإنجاز الكبير؟
إسرائيل احتلت فلسطين، وبدأت تعتدي على لبنان وعلى دول عديدة في المنطقة، لم يكن أمام لبنان إلا أن يُواجه بالمقاومة، لأن جيشه لم يكن قادراً على دفع العدو الإسرائيلي، وكل الظروف الدولية كانت تُساند هذا العدو، فإذاً كانت نشأة المقاومة طبيعية جداً مع شعبٍ أبيٍّ لا يقبل الذل ولا الاحتلال ولا أن يكون مُستسلماً لهذا العدو.
جاءت المقاومة الفلسطينية لِتكون رأس حربةٍ من موقع لبنان، وكذلك ساندها قوى وطنية وإسلامية، وبالتالي بدأت تنمو هذه المقاومة في الستينيات والسبعينيات بشكلٍ مباشر، وبرز الإمام موسى الصدر كإمام للمقاومة وقائد لِهذه المسيرة المقاومة في السبعينيات بإنشاء حركة أمل، حركة المحرومين، لِمواجهة العدو الإسرائيلي بشكل منظم في سنة 1974، خلال هذه الفترة وجدنا أن إسرائيل تحت عنوان “عملية الليطاني” لإبعاد المقاومة الفلسطينية واللبنانية من الحدود، قامت باحتلال قسم من الأرض اللبنانية، في سنة 1978 صدر قرار عن مجلس الأمن الدولي عنوانه ورقمه “425” يدعو إسرائيل إلى أن تنسحب من الأراضي اللبنانية، لم تنسحب إسرائيل سنة 1978، وأنشأت ما سُمي وقتها “دولة لبنان الحر” برعاية إسرائيل من خلال الرائد سعد حداد في 18 نيسان سنة 1979، وهذا الإنشاء هو خطوة أولى من أجل اقتطاع قسم من لبنان، ومن أجل التهيئة لإقامة المستوطنات لاحقاً، بعد فترةٍ من الزمن غيروا الاسم أصبح ”جيش لبنان الحر” في سنة 1980، ثم سُمي بِجيش لبنان الجنوبي في سنة 1984.
كل هذه الخطوات في التسمية وفي التعديل مع سعد حداد ومن بعده من أجل أخذ قطعة من الأرض، هذا بدأ في سنة 1978.
ثم حصل الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982 ووصل إلى العاصمة بيروت، وهذا الاحتلال ادّعى بأنه يُريد إخراج منظمة التحرير الفلسطينية والفلسطينيين من لبنان، حصل هذا الخروج إلى تونس، وبالتالي كان يُفترض أن الهدف الإسرائيلي تحقق، ولكن إسرائيل بقيت، حاولت أن تفرض اتفاق 17 أيار سنة 1983، وكاد هذا الاتفاق أن يسري بعد أن وُقع من قبل المجلس النيابي، لكن هناك مقاومة حقيقية على المستوى الشعبي والعلمائي والوطني، استطاعت هذه المقاومة بالتعاون مع سوريا وقتها أن تمنع إسرائيل من عقد هذا الاتفاق المُذل الذي يُعطيها ما تُريد.
المقاومة استمرت في عملها، وحزب الله بدأ يتكون بشكل رسمي وشعبي في سنة 1982، وبالتالي خاض مع المقاومين الآخرين عمليات دائمة ومنفردة وفي أماكن مختلفة من جنوب لبنان وحيث يتواجد العدو الإسرائيلي في كل منطقة الاحتلال.
تحت ضربات المقاومة انسحبت إسرائيل سنة 1985، يعني بعد ثلاث سنوات من الاجتياح الإسرائيلي، انسحبت إسرائيل إلى الجنوب اللبناني إلى ما سُمي وقتها ” الشريط الحدودي اللبناني”، هذا الشريط الحدودي اللبناني مساحته 1100 كيلومتر مربع، يعني 55% من مساحة جنوب لبنان، يعني حوالي 11% من مساحة لبنان 10452 كيلومتر مربع.
من سنة 1985 إلى سنة 2000، وقت التحرير، الشريط الحدودي مُحتل من قبل العدو الإسرائيلي، والعنوان الوحيد للمواجهة والأساسي للمواجهة هو المقاومة.
خرجت أصوات كثيرة في لبنان تتحدث عن أن العين لا تُقاوم المخرز، وتُحاول أن تُثبط العزائم، وتقول بأن المقاومة لا تستطيع أن تُغير الواقع، ولنذهب إلى الديبلوماسية ونتعاطى من خلال السياسة لِنخرج إسرائيل، ليس لدينا خيار إلا أن نُخرج إسرائيل بالسياسة والديبلوماسية، لكن من سنة 1978 مع القرار 425 لم تخرج إسرائيل.
إذاً كان لا بُد من استمرار العمليات وتحمل التضحيات والعطاءات والدماء، خلال هذه الفترة كان القتال قتالاً حقيقياً على العملاء وعلى العدو الإسرائيلي باللحم الحي وبالإمكانيات المُتواضعة وبالقدرات البسيطة، وتحركت المقاومة في كل مكان، وآزرها الناس بِطرق مختلفة وتحملوا الكثير وكان منهم من أُسر في معتقل الخيام وفي معتقلات الكيان الإسرائيلي، لكن كان هناك تصميم حقيقي وإرادة حقيقية من أجل مواجهة هذا العدو بالمقاومة لِيخرج من الأرض، لا يُمكن أن نُسلم له، مع العلم أن الإمكانيات متفاوتة جداً والقدرات متفاوتة جداً، لكن يوجد إرادة المقاومة وتصميم المقاومة، مع هذا التصميم وجد الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يستقر على الأرض اللبنانية، لا جيش لبنان الجنوبي ينفعه ولا دباباته وطائراته واعتداءاته يُمكن أن تُمكنه من أن يبقى مُحتلاً على الأرض اللبنانية، فبدأ من 1999 يتنافس رؤساء الوزراء المحتملين، أي باراك ونتنياهو، كان هناك انتخابات في سنة 2000، فبدأوا يتبارون بلائحة انتخابية تتحدث عن الانسحاب من جنوب لبنان.
حاولوا قبل الانسحاب أن يعقدوا اتفاقًا، لم يتجاوب لبنان، حاولوا من خلال سوريا التي كان لها سيطرة على الواقع اللبناني، لكن سوريا لم توافق على أي اتفاق. اعتبروا أن بعض التأجيل يمكن أن يساعد، لكن لم ينجح الاتفاق لا مع لبنان ولا مع سوريا حول وضع لبنان.
وإذ بالإسرائيلي يخرج قبل الموعد المتوقع، ويُنهي خروجه في 24 أيار، ونُعلن 25 أيار يوم التحرير، خرج في الليل، حتى إنه ترك العملاء من دون أن يخبرهم، وعندما دخل الشباب ودخل الأهالي إلى المراكز المختلفة، وإلى الثكنات المختلفة، وجدوا في بعض الأماكن الأطعمة لا زالت ساخنة، لأن من كان يأكل لم يكن يتوقع أن يحصل هذا الانهيار بهذه السرعة، ولم يخبر الإسرائيلي عملاءه بأنه سيخرج من لبنان، بل أصبح الإسرائيلي يتفاخر أنه خرج من دون أن يعرف المقاومون، وبالتالي حمى جنوده عند هذا الخروج بهذه الطريقة.
هذا انتصار كبير جدًا للمقاومة، هذه علامة عظيمة للشعب العزيز المجاهد المعطاء المضحي، الذي استطاع أن يكسر إسرائيل في أول انتصار وخروج إسرائيلي من أرض محتلة من دون قيد ولا شرط. لم يكن هناك اتفاق، ولم يحصل اتفاق. حتى يساعدوا الإسرائيلي على أن يعقد اتفاقًا بطريقة ملتوية، رفضت الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يرسلوا قوات طوارئ دولية إلا أن يكون هناك تفاهم ما برعاية أممية، لم يتفاهم معهم أحد.
راهنوا أنهم إذا انسحبوا في 25 أيار وما قبله، فإن مشاكل معينة ستحصل بين المقاومين وشعب المقاومة، وتحصل هناك مشاكل طائفية بين المسلمين والمسيحيين، أيضًا ستحصل عمليات اغتيال، سيكون هناك مشاكل وتعقيدات، هذا يثير الفتنة الداخلية في لبنان، ويعقّد الأمور على المقاومة وعلى لبنان.
لم تحصل ضربة كف واحدة، سلّم الإخوة العملاء الذين اعتقلوهم إلى الدولة اللبنانية للمحاكمة، ذهبوا إلى الأهالي وطمأنوهم أنهم لا يريدون منهم شيئًا، لا يتحمّل الأهل وزر أولادهم حتى لو كانوا مقتنعين بما يفعل هؤلاء الأولاد، هم لم يشاركوا في الحرب ولا في المعركة، ومن هرب تركوه يهرب. لم تكن هناك دماء، ولا مشاكل، ولا فتنة مذهبية، ولا فتنة طائفية في داخل المنطقة الحدودية. بقي منتظرًا مجلس الأمن حوالي سنة تقريبًا إلى أن قرّر قوات طوارئ دولية، يعني اعرفوا عندما حصل انسحاب إسرائيلي من طرف واحد، بقي الجنوب من دون قوات طوارئ أكثر من سنة، والسبب هو محاولة الضغط علينا، على المقاومة، على الدولة اللبنانية، حتى يجري حلولًا تتناسب مع إسرائيل، وعندما رأوا أنه لا يوجد إمكانية أرسلوا قوات الطوارئ الدولية.
هذا إنجاز عظيم جدًا للمقاومين. يوم التحرير، عيد التحرير، غيّر مسار المنطقة سياسيًا وثقافيًا وجهاديًا، ونقلنا من الإحباط إلى الأمل، ومن الخنوع إلى المقاومة، ومن الذل إلى العز، ومن الهزيمة إلى النصر: “وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”.
ما هي “الزوادة” التي حصلنا عليها ببركة هذا النصر؟ انتقلت المقاومة من كونها مشروعًا قابلًا لتحقيق التحرير والنصر إلى دعامة ثابتة للبنان المستقبل القوي. أي في البداية كانت المقاومة فكرة يمكن أن تنجح وقد لا تنجح، قد تحقق إنجازات وقد لا تحقق إنجازات. لكن مع عيد المقاومة والتحرير، مع طرد إسرائيل من دون قيد أو شرط بعد 22 سنة من الاحتلال، لا يمكن بعد ذلك أن يُناقش بأهمية المقاومة ودور المقاومة.
المقاومة صنعت تحرير لبنان، المقاومة صنعت استقلال لبنان الجديد، المقاومة استطاعت أن ترفع من مكانة لبنان إلى القوة، وإلى المكانة، وإلى الدور المهم في المنطقة. المقاومة هي التي استجلبت كل القوى الأجنبية لتعلم أن لبنان لا يمكن التعاطي معه إلا على قاعدة الند للند.
هذا إنجاز عظيم، المقاومة والتحرير. عيد المقاومة والتحرير، مرحلة مختلفة تمامًا عن المرحلة التي كانت سابقًا.
في السابق كنّا نتحدث عن أهمية المقاومة، أما بعد عيد المقاومة والتحرير، أصبحت المقاومة مكوّنًا أساسيًّا من مكوّنات لبنان، لأن مشكلة العدو الإسرائيلي لا زالت موجودة وهو دائمًا يقوم بالاعتداء.
كل الفضل فيما حصل، في التحرير، في الإنجاز، في النصر، هو لله تعالى أولًا، وقد قال سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، في بنت جبيل: “إن هذا النصر هو نصر إلهي”، حقيقةً هو نصر إلهي، لأن القلة انتصرت على الكثرة، لأن المؤمنين انتصروا على المنحرفين والكافرين والبعيدين عن طاعة الله، لأن العدالة انتصرت على الظلم وعلى الانحراف. هذا فيه تأييد إلهي، فضلًا عن الأمور الغيبية التي لا نعلمها والتي أحسسنا بها من خلال إنجازات العمليات النوعية والعمليات المقاومة التي حصلت في جنوب لبنان وحققت هذا الانتصار العظيم.
الفضل يعود إلى من أطلق المقاومة، الإمام موسى الصدر، إمام المقاومة في لبنان. ويعود إلى القادة الملهمين: سماحة الشيخ راغب حرب رضوان الله تعالى عليه، والأمين العام الأسبق سماحة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، والقائد الملهم الحاج عماد مغنية، قائد الانتصارين، والجوهرة العظيمة، جوهرة المقاومة الساطعة التي أصبحت علمًا لكل المقاومين والأحرار في العالم، سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، الذي نقل المقاومة وقادها إلى انتصاراتها وإلى مكانتها وإلى تعميمها على مستوى كل المنطقة.
للمرة الأولى نجتمع من أجل إحياء عيد المقاومة والتحرير بعد 25 سنة ولا يكون سماحة السيد بيننا، هذه غصّة في القلوب، ولكنها أيضًا حالة من الطمأنينة، أنه في عليائه يراقب ويتابع وأننا على العهد مستمرون بحمد الله تعالى.
لا بدّ هنا من تحية الشهداء والجرحى والأسرى الذين قدّموا، والأهل الذين حضنوا، وكل الذين ساهموا في المقاومة، الجيش والشعب والمقاومة، كلهم معنيون بهذا الإنجاز وبهذا التحرير العظيم.
لا بدّ أن أذكر في اللحظات الأخيرة الشهيد أحمد يحيى أبو ذر الذي استُشهد في اليوم 24، وأصابته القذيفة في اليوم 21، وهو الذي قال على فراش الشهادة: الحمد لله الذي أراني الحُسنيين، النصر والشهادة. رأى النصر بخروج إسرائيل واستشهد بعد ذلك.
هذه النماذج العظيمة هي التي أدّت إلى التحرير، هي التي أدّت إلى هذه العزّة.
هنا لا بدّ من شكر فخامة الرئيس المقاوم، الرئيس العماد إميل لحود، الذي استطاع أن يقدّم العمل الإيجابي والمساعد للمقاومة وكل التسهيلات التي أوصلتنا إلى هذا النصر. والشكر أيضًا لرئيس مجلس الوزراء الأسبق، الرئيس سليم الحص رحمه الله، الذي قال بصراحة: هذا الإنجاز العظيم الذي حققه لبنان بتحرير أرضه من نير الاحتلال، الفضل فيه للمقاومة الباسلة ووقوف الشعب اللبناني وراءها. كان جريئًا وكان واضحًا وكان داعمًا للمقاومة.
واليوم لا بدّ من توجيه شكر خاص لقائد الجيش، العماد رادولف هيكل، الذي أصدر بيانًا يعبّر عن وطنيته ووطنية الجيش ومكانته ودوره. هو قال: هذه مناسبة تاريخية بإنجازاتها، والتحرير إنجاز وطني. أنا أؤكد له وللجميع: سنبقى دائمًا في مقولة وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة من أجل أن نصنع المستقبل ونصنع التحرير.
خمسة استنتاجات يمكن أن نستنتجها من عيد المقاومة والتحرير:
أولًا، إن المقاومة نشأت لضرورة في المواجهة، لأنه لا يمكن أن يبقى لبنان بلا مواجهة لهذا العدو، والمقاومة هي الحل الطبيعي عندما لا يكون الجيش قادرًا، وهي السند للجيش عندما يكون قادرًا.
ثانيًا، نقلت لبنان من الضعف إلى القوة.
ثالثًا، المقاومة تبيّن أنها الخيار الوحيد للتحرير.
رابعًا، انتهت قدرة إسرائيل على التوسع في لبنان، لم تعد قادرة على أن تقضم في لبنان أو أن تتوسع في لبنان، حتى ولو قامت بأعمال متعددة.
خامسًا، زمن الانتصارات الذي افتتح بهذا الانتصار العظيم في أيار سنة 2000 أحدث تحوّلًا في فلسطين المحتلة، وانطلقت مجددًا المقاومة المسلحة، وصنعت المعجزات، واستطاعت أن تُربك هذا العدو، وأن تجعله على طريق الزوال إن شاء الله تعالى.
عيد المقاومة والتحرير هو المقدّمة التي صنعت كل ما بعده، وبالتالي أنا اليوم عندما أسمع إحدى الأخوات من خلال التلفزيون، عندما تكون من دون بصر بسبب “البايجر”، وزوجها شهيد، ولها ابنان، وتتحدث بكل جرأة وقوة وعزيمة وصبر، وتقول: أنا مستعدة لأعطي أكثر، ما الذي يمكن أن أعطيه أنا حاضرة، وهي راضية لما وصلت إليه. ما هذه المرأة العظيمة؟ ومثلها الكثير الكثير في مجتمعنا، من الذين يقدّمون ويعطون ويضحّون.
عندما يتحدث هادي، هذا الطفل ابن 11 سنة، يقول: نعاهدكم دائمًا وأبدًا أن نمضي في هذا السبيل، وهو جريح “البايجر”، وقد فقد إحدى عينيه وبعض أصابع يديه، ويتحدث بشجاعة وبجرأة، يرسم للمستقبل أن يكون على درب المقاومة.
اعلموا، هذا الشعب المعطاء الأبي، هذه العوائل التي تحتضن المقاومة والمقاومين، هؤلاء الناس الذين تصدّوا بصدورهم العارية للعدو الإسرائيلي، هؤلاء الذين يربّون أبناءهم على القوة والعزّة والإيمان والتقوى، ولا يقبلون أن يكونوا مستسلمين أو أذلاء، هؤلاء سينجحون دائماً وسيحققون الأهداف.
ثانياً، اليوم كيف هو وضعنا؟ المقاومة مستمرة، هي خيار الشعب وخيار المؤمنين بها. المقاومة خيارٌ وشعبٌ وإرادة.
إذا كان هناك أحد يناقش: هل ستبقى المقاومة أم لا؟ سنقول له: باقية، وعلى قلبك باقية أنت الذي لا تريدها، وبالدماء وبالعطاءات باقية، وبالعز باقية، وبالانتصارات باقية. باقية بالشموخ، بالكرامة. باقية بالشهداء والجرحى والأسرى. باقية بالعوائل الطيبة، الطاهرة، المؤمنة. باقية بالأطفال الذين يتمنون أن يكونوا في المقدمة من أجل أن يدافعوا عن الكرامة وعن الوطن.
الذين لديهم هذا الارتباط بالله عز وجل وبالأرض وبالكرامة لا يمكن أن يُهزموا أبداً، والنصر سيواكبهم دائماً.
هذه المقاومة، إذا أردت تعريفها مجدداً، هي مقاومة دفاعية، هي رفض للاحتلال، هي عدم الاستسلام. المقاومة خيار، أحياناً تقاتل وتردع، وأحياناً تصمد وتمنع، وأحياناً أخرى تصبر وتبقى جاهزة. المقاومة لا يعني أن يكون هناك سلاح متنقل في كل يوم أو يقصف في كل يوم. المقاومة منهج، اتجاه. السلاح أداة تُستخدم وقت الحاجة وبالطريقة المناسبة وبتقدير المصلحة. لذا، المقاومة هي فعل إرادة وشعب وخيار.
في مواجهة ما حصل من عدوان إسرائيلي، عقدت الدولة اللبنانية اتفاق وقف إطلاق النار بشكل غير مباشر مع الكيان الإسرائيلي، الدولة اللبنانية التزمت، ونحن التزمنا كمقاومة بالكامل. 3300 خرق إسرائيلي، يعني ليس عبارة عن خرق واحد أو اثنين، لكي يُقال خرقوا الاتفاق، بل عدوان، نحن الآن مستمرون في تلقي العدوان الإسرائيلي. التزمنا بالكامل.
ليكن واضحاً عند الجميع، لا تطلبوا منا شيئاً بعد الآن، فلتنسحب إسرائيل، وتوقف عدوانها، وتُفرج عن الأسرى، وتنتهي من كل الالتزامات الموجودة في الاتفاق، وبعد ذلك لكل حادث حديث.
وهنا أمريكا تتحمل المسؤولية، لأنها هي التي ترعى استمرار العدوان، كما رعته في بدايته، هنا وفي غزة وفي كل مكان.
يجب أن تتحرك الدولة بفعالية أكبر، طالبوهم، أسكتوهم، اصرخوا في وجوههم، لبنان يجب أن يكون قوياً واثقاً حراً مع أبنائه ومع شعبه. لا تخافوا من شيء، ماذا سيفعلون بكم إذا رفعتم الصوت؟ إذا تحدثتم في مجلس الأمن؟ إذا أرسلتم إلى كل الدول؟ إذا تحركت الدبلوماسية اللبنانية؟ إذا كان مجلس الوزراء في كل جلسة يرفع صوته؟ إذا كان كل واحد من المعنيين يتحرك؟ هذا يجب أن يحصل، حتى نَصرعهم بكثرة المواقف والضغوطات. الدولة هي المسؤولة.
نحن قلنا ونكرر، إذا فشلت الدولة في أدائها، وهي لديها الفرصة، فالخيارات الأخرى موجودة. لا تسألوني عن الخيارات الأخرى ما هي، لكن يمكنكم أن تعرفوا أن المقاومة لا تسكت على ضيم، والمقاومة لا تستسلم. الآن تصبر، تتحمل، أخذت موقف أن الدولة هي التي ستتصدى، هذا أمر يحتاج إلى بعض الوقت، نحن نعطي بعض الوقت، لكن يجب التحرك.
شهداء هذه المرحلة هم شهداء أولي البأس، من الناس ومن المقاومين، والجرحى، وكل الأضرار التي تحصل الآن هي أضرار بسبب استمرار العدوان. نحن نعتبر إلى اليوم أن الحرب لم تنتهِ بعد مع العدو الإسرائيلي، لأنه لم يلتزم. كل التحية لهؤلاء الذين يقدمون.
أن تستغل إسرائيل القوة العسكرية للضغط علينا بعدوانها المستمر، تأكدوا أن هذا سيزيدنا تصميماً وصموداً وعزيمة. لا يظنن أحد أن ما تفعله إسرائيل سيؤدي إلى تراجعنا.
اليوم انظروا إلى هذا النموذج الرائع في اليمن، أمريكا بكل قوتها وعرضها لم تستطع أن تستمر في عدوانها على اليمن، فانسحبت أمام هؤلاء الأبطال الشجعان الذين قدموا من أجل غزة وفلسطين، ومن أجل الكرامة العربية والإسلامية والإنسانية.
انظروا إلى أهل غزة، قدموا لعشرين شهراً العطاءات، الدم، الدمار، واعتدى عليهم الإسرائيلي اعتداءات لا تخطر على بال، إبادة جماعية، تدمير، عمل لا إنساني، انفلات وحشي غير عادي، بدعم أمريكي طاغوتي لا إنساني وجبروتي. ولكن لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم، رغم كل هذه الجرائم الكبيرة.
الجرائم الموجودة في غزة، حتى جماعة إسرائيل ممن يسمونهم بالمعارضة، سواء كان غولان، أو باراك، أو أولمرت، أو كثير من السياسيين، حتى من داخل الليكود، يقولون الإسرائيلي، نتنياهو ومن معه، يصنعون مجاعة ويقتلون الناس ولا يحققون الأهداف. فأين العالم؟ طبعاً، الآن ترك لهم الأمريكيون المجال حتى يستمروا، وهذا خطر، خطر كبير.
فليكن واضحاً، برأينا، وهذه سنة التاريخ، إسرائيل ستسقط، “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا” تقولون لي متى ستسقط؟ لا أعلم، لكن هذا الظلم الكبير لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن يستقر. قد تسقط إسرائيل بخلافات داخلية، قد تسقط إسرائيل بنمو جديد للمقاومة وقوة حقيقية، قد تسقط إسرائيل لأن أمريكا أصبحت عاجزة عن دعمها، لا نعلم كيف تأتي الأمور لتسقط إسرائيل، لكننا واثقون أن الظلم لا يمكن أن يستقر على الأرض.
أمريكا اليوم، بالنسبة للبنان، تتجاوز حدود سيادة بلدنا. لتتوقف أمريكا، كفى تباهي بالنفس أنها تعطي تعليمات للمسؤولين، وتحاول الضغط على لبنان، أنتم تعملون بطريقة خاطئة. إذا كانت تعتقد أمريكا أنها بالضغط على المسؤولين اللبنانيين وعلى لبنان تستطيع أن تحقق الشروط الإسرائيلية، أقول لها: لن تحققوا ما لم يتحقق في الحرب، وهذه الشروط لن تتحقق مهما بلغت التضحيات وكلفتنا المواجهات. لا أحد يهددنا، نحن لا نُهدَّد. أمامنا خياران لا ثالث لهما: إما النصر وإما الشهادة، إحدى الحسنيين، ونحن مستعدون لهما. لكن تهديد، وانسحاب، واستسلام، وتسليم؟ هذا غير وارد على الإطلاق. نحن أبناء الحسين، سلام الله تعالى عليه، الذي أعطى كل شيء، وأخذ كل شيء، أخذ النصر العزيز على امتداد الأمة، وعلى امتداد التاريخ والمستقبل. نحن أبناء سماحة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، وهذا لا يمكن أبداً أن يجعلنا متخلفين عن الركب، بل نحن إلى الأمام.
قال تعالى في كتابه العزيز: “وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” النتيجة إن شاء الله تأتي.
دعوني أعطيكم هذا الشعار الذي أعتقد أنه يحتاجه البعض، كما أنه لا أحد يستطيع أن يُزيح لبنان عن مكانه، أي هل يستطيع أحد أن يرفع الأرض اللبنانية ويضعها في مكان آخر؟ لا أحد. كما لا أحد يستطيع أن يُزيح لبنان من مكانه، لا أحد يستطيع أن يُزيح المقاومة عن الأرض اللبنانية، لأن المقاومة أصبحت مجبولة بالأرض ودماء شهدائها، جزءاً لا يتجزأ من حبّة القمح، ومن الوردة، ومن الشجرة، ومن قوة الصمود. اخرجوا من هذه الأفكار، هذه المقاومة مجبولة بكيان لبنان، وكيان لبنان دعامته المقاومة وأهلها وشعبها الشريف والعزيز، وهذه الدعامة لا بدّ أن تبقى ليبقى لبنان.
نحن ننصح الرئيس ترامب أنه أمام فرصة العمر للتحرر من قبضة إسرائيل، طالما أنك أنت تفكر بأنك تريد أن تسيطر على العالم اقتصادياً، إسرائيل عبء، كانت “ستفركشك” في اليمن، ولكنك كنت شاطرًا، انسحبت من اليمن وتركت عندك بعض ماء الوجه. اليوم إعطاء إسرائيل المجال لتستمر في غزة وتستمر بالعمل في لبنان، هذا سيذهب على أمريكا فرصة مهمة للاستثمار في لبنان وفي المنطقة. إسرائيل إلى الهاوية، أوقفهم عند حدهم، لأنهم لا يستمرون إلا بسببك أنت. ترامب هو الذي يعطيهم الروح للاستمرار في العدوان. هذا الاستمرار في العدوان – بالنسبة للبنان – هذا الاستمرار يعيق الاستقرار وقد يهز الاستقرار في لبنان.
أنا سأقول لكم شيئاً: لا يوجد في لبنان استقرار في منطقة، ولا يوجد استقرار في منطقة ثانية، لا، لبنان كله يستقر أو كله لا يستقر. الاستقرار ليس مجزّأً، الاستقرار كامل، ويتم بتكاتف كل المكونات وأن تطمئن إلى بعضها. لا أحد يعزل أحداً، هذا وطننا جميعاً، رويناه بالدم ولن ينتزعه منّا أحد، ولن ينتزعنا منه أحد.
هنا أريد أن أؤكد، إعادة الإعمار دعامة الاستقرار الأولى، وأمن المواطن في كل الوطن بهذا الإعمار وبهذا الاستقرار. على الحكومة أن تتحرك بفعالية أكثر. يا أخي، لا يُعقل، نسمع من الدول حتى بشكل علني، العراق الأبي الشجاع الشريف أطلق من خلال رئيس الوزراء السوداني رغبة بإعطاء تبرعات من أجل إعادة الإعمار في لبنان، وأنا أعلم أن كل العراق بمرجعيته وحشده وشعبه وقواه وفصائله ومسؤوليه، كلهم متعاطفون مع لبنان ومع فلسطين ويريدون الإعمار. ولكن يفترض أن يبدأ لبنان، يطلق الطلقة الأولى، يضع الصندوق، فليقم بإجراءات معينة.
إيران الإسلام والعطاءات، إيران القائد الإمام الخامنئي دام ظله، إيران الشعب الذي دائماً هم كلهم معنا، مع المقاومة، مع لبنان، مع فلسطين، أعلنوا مراراً وبلغوا المسؤولين أنهم حاضرون لدعمنا، ولكن لتبدأ الدولة بصندوقها في إعادة الإعمار، بالطريقة التي تريد أن تجري فيها الإعمار.
وهناك دول أخرى تحدثت معنا، ولكنها لم تعلن، لديها تحفظات معينة بالإعلان، لكنها حاضرة مجرد أن يخطو لبنان الخطوة الأولى. إن شاء الله يحصل مساعدة وإعادة إعمار.
يجب على الدولة اللبنانية أن تشد الهمة، لم يعد لديها مبرر أن تتأخر، وهذا له علاقة باستقرار البلد.
هذا البلد لبنان، يتقدم بتعاوننا، نحن أساس في كل تقدم فيه، بصماتنا موجودة إيجاباً في كل الاستحقاقات، في انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة والانتخابات البلدية والتعيينات، وخطوات إقرار القوانين، نحن جزء لا يتجزأ من كل شيء إيجابي يحصل الآن في لبنان. إذا كان البعض يعطّل أو يريد أن يعطّل باعتبارات خارجية، نحن نقول لهم: سنصنع لبنان بإرادتنا وقناعتنا وتضحيات أهلنا، وهذا أمر واضح للعيان، وسنربح إن شاء الله لبنان القوي بجميع أبنائه. لبنان المستقر ينفعنا وينفع الآخرين، حتى ينفع الدول العربية والدول الأجنبية، مصلحة لنا وللآخرين، لا أحد يبتزّنا بالاستقرار، لا أحد يبتزّنا بالإعمار، لا أحد يبتزّنا ليأخذ استقلال قرارنا، أبداً، قرارنا سيبقى مستقلاً، فلنقف بجرأة وسيركض إلينا الآخرون.
كفى أن يظهر البعض نفسه ضعيفاً ولبنان لا يقدر، ضع قدمك على الأرض، وأنت وراءك جيش وشعب ومقاومة، لا أحد يستطيع أن يهزّنا، وإن شاء الله نحقق الإنجازات المطلوبة.
ثالثاً وأخيراً، الانتخابات البلدية والاختيارية. منذ البداية كنا نقول نريد إجراء هذا الاستحقاق في موعده، رغم العدوان على جنوب لبنان وكل لبنان، ورغم ما يحصل في منطقة الحدود اللبنانية. لكن كنا نؤكد أن إجراء الانتخابات في موعدها أمر أساسي، لأننا نريد أن تقوى الدولة ونريد أن تنمو قدرات هذا الشعب باتجاه الإنماء وباتجاه بناء الدولة.
الحمد لله، كان الإقبال مهماً، عندما رأيت السيارات تصعد يوم الجمعة من بيروت إلى الجنوب، تذكّرت المشهد الذي كان سنة 2000 وكانت السيارات تصعد من بيروت إلى الجنوب. وتذكّرت أيضاً عندما حصل وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024 بعد معركة “أولي البأس”، كيف كانت السيارات تصعد، المشهد واحد. هؤلاء الناس في الانتخابات، في التصدي لإسرائيل، في الوقوف والصمود، في التمسك بالأرض، دائماً هم في الطليعة. في الحقيقة أنا أحيّيهم، أحيّي أهل الجنوب اللبناني كلهم، أن عطاءهم الذي قدموه، والموقف الذي وقفوه، دليل على قوة وشموخ وعزّة واستقلال واستعداد لأن يكونوا دائماً في المقدمة من أجل تحرير البلد.
هناك أربعة استنتاجات سأتحدث عنها بخصوص الانتخابات البلدية:
أولًا، المشاركة الفعالة التي حصلت، وخاصة لجمهور حزب الله وحركة أمل، تحت عنوان لائحة التنمية والوفاء، كانت مشاركة مهمة جداً مع الحلفاء ومع العائلات. بل أنا أقول لكم، حتى الذين شكلوا لوائح مخالفة، أيضاً أوجّه لهم الشكر، لأنهم ساهموا بإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي.
كل الشكر والامتنان للعاملين، للماكينات الانتخابية، للأهل، للدولة اللبنانية التي أنجزت هذا الاستحقاق، للناس الذين ساهموا وشاركوا. كل الشكر على هذا الفوز الصاخب، يعني فوز استثنائي. عندنا تزكية بشكل غير عادي، يزيد في بعض المحافظات عن 50% من عدد البلديات، هذا إنجاز غير عادي، البعض لا يعجبه التزكية، أخي، التزكية تعني تفاهم، لا تريد تفاهم لأنك تبحث عن كرسي؟ أخي لن تحصل على كرسي حتى لو لم يحصل تفاهم، فليكن التفاهم أفضل. على كل حال، لا مانع، حيثما توجد منافسة، فلتكن المنافسة، لكن إذا كانت هناك إمكانية للتزكية، فلماذا لا؟ نحن مع هذه التزكية.
أنا هنا أريد أن أشكر أهلنا المؤمنين، الأوفياء، الشجعان، المضحين، في البقاع، عرين المقاومة والعزة والكرم والشجاعة والفخر. في بيروت، قلعة الأحرار وطرد الاحتلال الإسرائيلي. في الضاحية، خزان التضحية والفداء والعطاءات، والتي كانت دائماً قبلة الأحرار. والجنوب اللبناني، طليعة التحرير والصمود والإباء والكرامة. وجبل لبنان، في موقع المؤازرة والدعم. والشمال، موطن المناصرة والتكاتف.
كل المناطق اللبنانية، سواء في الانتخابات التي شاركنا فيها مباشرة، أو التي شارك فيها الآخرون بسبب عدم وجود لوائح لنا أو أشخاص لنا، نعتبر أن كلهم لهم الشكر والامتنان على هذه المشاركة.
هذه الانتخابات البلدية مدماك لانطلاقة إدارة الدولة ومؤسساتها الإنمائية، ويجب على الدولة أن تدعم البلديات من أجل أن تنطلق بشكل صحيح.
ثانياً، هذه الانتخابات خضناها بعقلية الجمع الوطني، أي كنا صمام أمان اجتماعي وتوازن وطني بين مكونات البلد.
انتخابات بيروت شاركنا فيها بلائحة ضمّت الكثير من القوى، وبعض القوى أصلًا لا يوجد تفاهم بيننا وبينها، ولا يوجد تعاون بيننا وبينها، بل هناك من يتحدث عنا بطريقة ظالمة. لكن قدّمنا مصلحة البلد في أن يكون هناك توازن وفي أن يشعر المسيحيون أنهم غير مستهدفين وأن الجميع يعمل معًا في دائرة بلدية واحدة. هذه التجربة قدّمناها في بيروت، وهذا يعني أننا عملنا على العنوان الوطني.
قدّمنا التجربة نفسها في حارة حريك، وضعنا رئيسًا مسيحيًّا وأعضاء مسيحيين، وضمنا أن تكون اللائحة قادرة على الفوز، والحمد لله انتصرت.
في مشغرة أيضًا الرئيس مسيحي وشارك الآخرون، والحمد لله أيضًا نجحت اللائحة.
في بعلبك، واجهنا الاتجاه الذي أراد أن يُعطي عنوانًا مذهبيًّا لهذه الانتخابات، والحمد لله تفاهمنا مع عائلات، واستطعنا أن نعطي صورة إلى درجة أن لائحة التنمية والوفاء في بعلبك فازت بفارق 6000 وأكثر، وهذا أيضًا تعبير عن هذا الالتفاف وهذا التعاون من الناس حول لوائحنا، لوائح حزب الله وحركة أمل والحلفاء والعائلات أيضًا.
أنا أقول لكم إننا خضنا الانتخابات برغبة وطنية، بعنوان جامع، بإحساس إنمائي، نحن لا نريد إلغاء أحد، بالعكس، فتحنا أيدينا لنتعاون مع الجميع، وكنا نقدّم النموذج الأسمى.
أنا أقول لكم إن حزب الله وحركة أمل أثبتا أنهما صمام أمان اجتماعي، وأنهما صمام أمان للتوازن الوطني، ودائمًا يضعان هذا الأمر في المقدمة.
ثالثًا، تحالف حزب الله وحركة أمل الانتخابي هو اتحاد وقوة وتماسك ووحدة حول المقاومة والمشروع السياسي. هذا أكبر تحالف استراتيجي وكبير ومؤثر. هناك من هو منزعج منه، يا أخي لماذا أنتم منزعجون؟ إذا كنتم أحبابنا وأصدقاءنا فلا ينبغي أن تنزعجوا. أما العدو فمن الطبيعي أن ينزعج، لأن هذا التحالف غير قابل للكسر، وهذا التحالف يتقدّم إلى الأمام.
الأمر الأخير، التزكية التي نحن راعينَاها هي تفاهم وتعاون مع الناس، وبالتالي نحن نقول لكم في البلديات، كنّا ندعم قبل الانتخابات البلدية من تسع سنين، أي من البلدية السابقة، وليس قبل الانتخابات بشهر أو شهرين ندعم مثل ما يفعل البعض، لا. كنّا ندعم سابقًا وسنستمر بالدعم. وبعد الانتخابات نعتبر أن المنافسة الحقيقية بين الناس هي على الخدمة، وخاصةً المقتدرين والمغتربين الذين يساعدون في قراهم.
مبارك لكم عيد المقاومة والتحرير، وإن شاء الله كل أيامنا أعياد، وإن شاء الله تستمر المقاومة وتستمر الانتصارات، وإسرائيل تخرج وتنهزم، لن تتمكن من البقاء معكم أيها الشعب الطيب العزيز، وإن شاء الله نُعمّر بلدنا ونُعمّر قرانا ونعمل على البناء والتحرير في آنٍ معًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.