كتبت “الأخبار”: يتقاذف ثلاثة أطراف كرة نار اسمها “سعر صرف الدولار المصرفي”، أي كل الدولارات المسجّلة لدى المصارف خارج إطار التعميمين 166 و158. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرميها، في حضن وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، والأخير يرميها في حضن الحكومة ووزير ماليتها، ويوسف الخليل يرفض إصدار أي قرار بتسعير الدولار المصرفي منفرداً بلا أن يكون ميقاتي ومنصوري مشتركيْن معه في ذلك… الكل يريد التنصّل منها، رغم أن الأطراف الثلاثة اتفقوا عليها مع جمعية المصارف، إنما لا أحد منهم يريد تحمّل تبعاتها.
على مدى الأشهر الماضية، عُقدت اجتماعات ثنائية بين جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وبين بعض أعضاء الجمعية ورئيس الحكومة، وبين منصوري وميقاتي… باختصار، ما اتُّفق عليه هو الآتي: في إطار توحيد سعر الصرف وبعد إقرار الموازنة التي فيها ضمناً اعتراف بسعر الصرف السوقي باعتباره سعر الصرف الرسمي، توافق المصارف على أن تكون متعاونة في تطبيق التعميم 166 وتدفع لكل زبون يستوفي الشروط مبلغ 150 دولاراً نقداً. ستحصل المصارف في المقابل على هندسات من منصوري تتيح لها تسديد كل دولار “فريش” تدفعه للزبائن، من فوائد توظيفاتها لدى مصرف لبنان، أي أن مصرف لبنان سيدفع القسم الأكبر من الكلفة الإجمالية لتطبيق هذا التعميم. وفي المقابل، تسجّل المصارف في ميزانياتها كل دولار بسعر الصرف الفعلي، وتصدر الحكومة سواء في مجلس الوزراء أو في وزارة المال ما يتيح للمصارف أن تدفع للزبائن ضمن سقف محدّد، ما يرغبون في سحبه من حساباتهم بالعملات الأجنبية خارج إطار التعميمين 158 و166، أي ما سُمّي “الدولار المصرفي” بسعر صرف يبلغ 25 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.
فجأة تبيّن أن القرار لم يصدر، وأن الكل يتقاذف القرار ويرمي مسؤولية إصداره على الآخر. لكنّ القرار يثير سؤالاً بسيطاً: إذا صدر مثل هذا القرار، وكان الدولار المصرفي مسجّلاً بسعر صرف يبلغ 89500 ليرة، في مقابل تسجيل عمليات سحبه بقيمة 25 ألف ليرة، فكيف ستسجّل المصارف ذلك في ميزانياتها؟ يأتي الجواب مباشرة: المصارف ستسجّل ربحاً في ميزانياتها وستشطب كل دولار قيمته 89500 ليرة بمبلغ 25 ألف ليرة.