رأى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار في كلمته خلال ندوة حوارية اقامها “التجمع من أجل لبنان” في باريس، ان “لبنان لم يسلم منذ استقلاله إلى اليوم من عواصف المنطقة وتداعياتها المقلقة على أمنه واستقراره من ازمة اللجوء الفلسطيني في العام 1948 إلى النزوح السوري الذي بلغ عتبة الخطر الوجودي بوجود مليون و468 الف نازح مسجل وحوالى 500 الف وأكثر من غير المسجّلين ليبلغ الرقم الاجمالي مليونين و80 الف سوري موجودين في 97٪ من البلديات اي في كل لبنان، حتى ان عددهم بات يفوق اللبنانيين في قرى وبلدات كثيرة.”
وقال حجار: “لبنان الصغير بمساحته وعدد سكّانه، هو البلد الأوّل في العالم من حيث عدد النازحين مقارنةً بعدد السكان، وهذا الامر يهدّد الامن والهوية، اذ ان مُقابل كلّ لبنانيين 2 موجودين في لبنان هناك نازح سوري، ومقابل كلّ ولادة لطفل لبناني هناك 4 ولادات لأطفال سوريين من دون اوراق ثبوتية. اللبنانيون يزيدون 1 بالمئة سنوياً، بينما النازحون السوريون يزيدون 4 بالمئة سنوياً. ووفق هذه النسب، ستتساوى اعداد النازحين السوريين باعداد اللبنانيين في المستقبل المنظور. فالولادات المسجّلة لدينا بلغت 235 الف ولادة لكن الرقم هو عملياً مضاعف”.
تابع: “لقد سبّب التواجد السوري ضغطاً على البنى التحتية والخدمات وفرص العمل والمواد الاستهلاكية المستوردة واكلافاً على مالية الدولة فضلاً عن مخاطر امنية اذ أن 85 % من الجرائم يرتكبها سوريون، 40 % من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنيّة يحملون الجنسيّة السوريّة، واكتظاظ السجون اللبنانية فهناك 3 آلاف سجين سوري. اما كلفة النزوح المباشرة على لبنان فهي في حدود مليار ونصف المليار سنوياً وفق البنك الدولي، فيما الكلفة غير المباشرة هي 3 مليار دولار اي ما مجموعه 4 مليارات ونصف المليار دولار في السنة، اي خلال 13 سنة تقدّر بـ 58 مليارًا”.
واعتبر أن “لبنان ليس بلد لجوء ولا هو موقّع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ومع ذلك مخاطر التوطين والاندماج قائمة، اذ ان عمر الأزمة السورية هو 13 عاماً وان عدد الذين تم توطينهم في دولة ثالثة قرابة الـ 107 الاف والذين عادوا إلى سوريا قرابة الـ 32 ألفاً. والسؤال الأهم هو متى تنتهي هذه المأساة ويعود السوريون إلى ارضهم بكرامة؟”.
ورأى حجار أن “المسؤولية كبيرة على عاتق المجتمع الدولي فهو بدل مكافأة لبنان على استضافته النازحين بحفاوة وبتفهم موقفه من العودة فهو يعمل على الدمج والتوطين بمنع تطبيق القوانين للداخلين خلسة وبترحيل السجناء بعد انتهاء محكوميتهم وهذا امر مرفوض قطعاً اذ لا يمكن حل قضية شعب على حساب شعب آخر. ان المجتمع الدولي يقف موقف المتواطىء بتخلّيه عن مبدأ تقاسم الاعباء في الحل السوري وبتخليه عن التزاماته وتعهداته في تأمين التمويل لسد الحاجات الانسانية الأساسية التي انخفضت بنسبة 60 ٪ فضلا عن خفض تمويل الأونروا للفلسطينيين ما يعني ان 12 مخيماً فلسطينياً في لبنان سيكونون بؤرة للانفجار الاجتماعي المحتمل الذي سيمتد إلى كل لبنان بعدما بلغت نسبة الفقر المتعدد الابعاد لدى السكان 82 ٪ “.
ولفت إلى أن “استقرار اوروبا من استقرار لبنان ومؤسف حتى ان لغة الأرقام اصبحت مطموسة. فهل يدرك صناع القرار ان لبنان بات ممراً للهجرة غير الشرعية متقدماً على طرق تهريب البشر التقليدية حيث بلغت الارقام 16 الفاً في العام 2023 هذا والجيش اللبناني يصد يومياً حركة دخول غير شرعية بالآلاف من سوريا؟”.
وتوجّه الحجار الى الانتشار اللبناني بالقول: “لبنان المنتشر عبركم كامتداد الارز في العالم يحتاج منكم إلى موقف وأنتم لم تبخلوا يوماً على ذلك، فأنتم من دافع عن سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه يوم كان مهيمناً عليه وتمكنتم من رؤية حلم التحرير حقيقة في العام 2005! نحن نطلب منكم رفع الصوت والتظاهر والضغط حيثما أمكن، هنا في فرنسا وكل أنحاء العالم كشكل من أشكال المقاومة بغية ايجاد حل للنزوح السوري اذ ان لبنان الرسالة متى انتهى تسقط معه الديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط”. وختم: “لا يمكن ان ننتظر انتخاب رئيس او تأليف حكومة على الرغم من الاهمية الموجبة لذلك، إلا ان عودة السوريين إلى بلادهم او اعادة توطينهم في بلد ثالث او حل وضعهم خارج لبنان يجب كلها ان تبدأ الآن والا فعلى لبنان السلام.”