كتبت “النهار”: صحيح ان التوصية النيابية التي أصدرها مجلس النواب للحكومة في شأن مواجهة احدى اخطر الازمات “الوجودية” التي تطبق بتداعياتها على لبنان واللبنانيين وهي ازمة النازحين السوريين ليست ملزمة، وهي برسم التنفيذ والصدقية والالتزام الجدي لشق طريق التنفيذ الصعب والمعقد لبرمجة إعادة النازحين ولا سيما منهم العدد الأكبر الكاسح الذي يدرج ضمن الوجود غير الشرعي للنازحين في لبنان ..
لكن الصحيح أيضا انه ليس في كل يوم في ظروف لبنان الانقسامية والخلافية وفي ظل برلمان اخفق منذ سنة وسبعة اشهر، ولا يزال يجرجر ذيول الإخفاق في ملء شغور رئاسة الجمهورية الخاوية من شاغلها، وفي ظل حكومة “بتراء قولا وفعلا”، ووسط تباعدات وتباينات سياسية تجاوزت تلك التي عرفها البلد خلال أسوأ حقبات الحروب، يجمع مجلس النواب لمرة “نادرة”، ولو عبر توصية على توصيف ورسم خارطة طريق ولو مبدئية ونظرية لحل ازمة النازحين السوريين. فحتى في ظل الشكوك المشروعة والانتقادات الجاهزة المبررة لما يمكن ان تترجمه التوصية النيابية ومدى قدرتها الواقعية على اختراق جدران العقبات الخارجية والدولية والسورية واللبنانية لبدء تخليص لبنان من أعباء ازمة النازحين السوريين، لم يكن ممكنا تجاهل أهمية العامل المتمثل باجماع الكتل النيابية الكبيرة والنواب المستقلين على التوصية التي صدرت حيال ملف إعادة النارحين بما يمثل اقله نقطة توافق اجماعية نادرة أطلقت رسالة إلى العالم الخارجي، كما الى اللبنانيين، بان المجلس استجاب اقله ليعكس اجماع اللبنانيين على الطابع الملح العاجل الذي بات يفرض مواجهة هذه الازمة بكل الأساليب المتاحة وعدم الأخذ الا بمصلحة لبنان واللبنانيين بعد الان سواء في وجه الأصدقاء او الأعداء الذين يتفرجون او يتواطأون او ينأون بأنفسهم عن مساعدة لبنان في كارثته هذه.
هذا “الالتزام” وضع المجلس والحكومة والكتل والنواب امام اختبار التنفيذ ولعل المفارقة ان هذا الملف سيواكب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مشاركته رئيسا لوفد لبنان الى القمة العربية في الدورة العادية الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في البحرين التي وصلها ميقاتي امس على رأس الوفد اللبناني الذي يضم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي، وزير الاعلام زياد مكاري، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن. اذ يجري رصد اللقاء المرتقب لميقاتي مع نظيره السوري المرافق للرئيس بشار الأسد للبحث في ملف النازحين خصوصا.