رأت مصادر سياسية مطّلعة لـ”الديار”، بأنّ فيديو “عماد 4” هو عيّنة صغيرة عمّا يمتلكه الحزب من منشآت عسكرية لم تتمكّن “إسرائيل” من الوصول اليها حتى الساعة، رغم ما ذكرته في وقت سابق عن أنّها اكتشفت أنفاقاً لحزب الله على الحدود مع فلسطين المحتلّة، أو عن امتلاكها معلومات عن مواقع تخزين صواريخه في محيط مطار بيروت الدولي، ليتبيّن بعد ذلك أنّها لم تكتشف شيئاً.
وذكرت المصادر بأنّ هناك حتماً “عماد 1″، و”عماد 2″ و”عماد 3″، و”عماد 5” وربّما أكثر، فلا أحد يدري عدد هذه المنشآت العسكرية ولا مكانها، وقد ينشر الحزب لاحقاً فيديوهات لمنشآت أخرى، على غرار مسلسل “هدهد 1″، وهدهد 2 الذي أظهر تحديده بنك الأهداف في فلسطين المحتلّة. الأمر الذي يدخل ضمن الحرب النفسية التي يمارسها الحزب على “الإسرائيلي”، ويُدرك كيف يجعلها تؤثّر سلباً عليه.
أمّا الرسائل التي أراد حزب الله توجيهها للعدو من خلال نشر فيديو “عماد 4″، في هذا التوقيت بالذات، على ما أضافت المصادر نفسها، أي قبل انتهاء مفاوضات غزّة في الدوحة والتي ستشهد جولة ثانية في القاهرة، فهي كثيرة أبرزها:
1- يأتي حزب الله ليقول اليوم إنّه انتقل فعلاً الى مرحلة جديدة من الصراع مع “الإسرائيلي” في ظلّ استمرار هذا الأخير بتهديداته بشنّ ضربة شاملة على لبنان. وهو جاهز بالتالي لوضع يده على الزناد في حال قرّر العدو توسيع الحرب لأنّ لديه كلّ ما يحتاج اليه داخل الأنفاق. والفيديو الذي أظهر عيّنة، أو جزءاً بسيطاً ممّا يملكه الحزب من ترسانة صواريخ دقيقة وموجّهة محميّة ومخزّنة داخل الأنفاق، لا بدّ للعدو من أخذه بالحسبان. الأمر الذي يدحض ما يقوله عن وصوله اليها، ويفرض عليه أيضاً أن يُفكّر ألف مرّة قبل الذهاب فعلياً الى شنّ حرب موسّعة على لبنان، ردّاً على ردّ الحزب على اغتيال شكر.
2- نشر الفيديو لما يمتلكه الحزب من أنفاق كشف عنها للمرة الأولى أمام “الإسرائيلي” وجميع الدول، أظهر أنّ الحزب يأخذ بجديّة الصراع مع العدو، وتهديداته بشنّ ضربة شاملة على لبنان. فالأنفاق تُشكّل معجزة كونها تحتاج الى سنوات من الحفر، والجهد لتجهيزها بالترسانة العسكرية وبالدرّاجات النارية والشاحنات والإضاءة والتكنولوجيا وسائر المعدّات، فضلاً عن الصواريخ والأسلحة وسوى ذلك.. كما أنّ ترسانة الحزب أصبحت أكثر تطوّراً اليوم ممّا كانت عليه خلال حرب تمّوز- آب 2006، وهو أمر لا بدّ من أن يتوقّف العدو عنده.
3- رسالة استراتيجية وعسكرية أظهرت صدقية السيّد نصرالله الذي سبق وأن تحدّث عن امتلاك حزبه، صواريخ دقيقة وبعيدة المدى، تصل من كريات شمونة الى إيلات. وهي قادرة خلال ساعة أو نصف ساعة على تدمير ما لدى العدو من مقدّرات شمال فلسطين المحتلّة تبلغ قيمتها 160 مليار دولار. على أنّ كلّ الإحداثيات وبنك الأهداف هي بمتناول يده، ما يزعزع كيان العدو في حال ضربه. وقد أكّد امتلاكه لهذه الداتا من خلال مسلسل الهدهد الذي لم يُعرض بكامله. كذلك فإنّ ما استخدمه الحزب من ترسانته في الجنوب حتى الساعة لا يصل سوى الى 10 أو الى 15 % فقط من ترسانته العسكرية.
4- خَلَق الفيديو رغم كلّ ما أظهره من مقدّرات لدى الحزب، حالة من حَبس الأنفاس لدى “الإسرائيلي” على مدى 4 دقائق ونصف (مدّة بثّ الفيديو)، لما أُحيط به من سرّية تتعلّق بعدد المنشآت التي يملكها، وبمكان الأنفاق الذي أوحى اليه بعنوان الفيديو “جبالنا خزائننا”. فقد تمتدّ هذه الأنفاق من لبنان على طول فلسطين المحتلّة أو قد تكون في مكان آخر، وقد ذكّرت بالأنفاق الموجودة في إيران. ومن المؤكّد، وفق المعلومات، أنها طويلة جدّاً لا يُعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي. الأمر الذي أربك العدو الذي يعتقد أنّ لديه “داتا” حزب الله، ويعلم المواقع التي يُخزّن فيها صواريخه، ليتبيّن للجميع أنّه لا يُدرك شيئاً.
5- وجّه رسالة ردعية للعدو الذي يتفوّق بضرباته الجويّة، وهي أنّ للمقاومة قوّة ردع تفوّق هذه الأخيرة، من تحت الأرض، ما يجعلها قادرة على ردع أي توغّل بري بالدبّابات عبر إصابتها بشكل مباشر بالصواريخ. على أنّ المنشأة، ذات بوّابة إيدروليك، وذات تشفير خاص مع القيادة لتلقّي الأوامر في دقائق معدودة جدّاً. ولهذا عليه أن يحذر ممّا هو مقبل في حال استمرّ بالتهديد بشنّ حرب شاملة على لبنان.
وأوضحت المصادر عينها أنّ الفيديو هو الرسالة الأقوى من الحزب لـ “إسرائيل” منذ بدء المواجهات عند الجبهة الجنوبية، كونه أعطى نموذجاً عمّا تختزنه المقاومة من صواريخ يُمكنها حمايتها ونقلها بسريّة تامّة جدّاً، وتمثّل قوّة فتّاكة وضاربة، وما تخفيه هو أعظم بكثير.