كتبت “الشرق الأوسط”: سجلت الوقائع الميدانية في جنوب لبنان عودة حزب الله إلى “قواعد الاشتباك” السابقة، وحصر عملياته ضمن مناطق مزارع شعبا وتلال كفر شوبا التي يعدّها لبنان أرضاً لبنانية محتلة، مستهدفاً مواقع عسكرية ونقاط تجسس إسرائيلية. فمن يتابع بيانات الحزب يلاحظ أن الهجمات التي يشنها الحزب اللبناني المدعوم من إيران تتركز في الفترة الأخيرة بمنطقة المزارع إذا ما كان هو المبادر، فيما تكون عملياته في المناطق الأخرى تحت عنوان الردود على الهجمات الإسرائيلية.
وحمل هذا التراجع دلالات سياسية، وربما عسكرية، مفادها أن الحزب ما زال يؤثر احترام “قواعد الاشتباك” ويحاذر اختراق الخطوط الحمر كي لا يعطي إسرائيل ذريعة لشنّ عملية عسكرية واسعة على لبنان. إلّا أن الخبير الأمني والاستراتيجي العميد ناجي ملاعب، يرى أن الحزب “يتعامل بالمجريات الميدانية على القطعة، بحيث إنه إذا ذهب الإسرائيلي بعيداً، يصبح مضطراً للردّ في مناطق بعيدة”، مشيراً في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أن الإسرائيلي وإن “اختار أهدافاً في العمق اللبناني، إلا أنه يعتبر نفسه متقيداً بقواعد الاشتباك، حتى عندما يقصف أهدافاً في البقاع اللبناني يعدها مقرات عسكرية ومستودعات أسلحة وصواريخ للحزب”.
وقال ملاعب: “عندما يختار الحزب مواقع عسكرية في مزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة، ويضرب مواقع عسكرية أو نقاط تجسس أو مراكز مستحدثة، فهذا يعني أنه يحاول إلزام الإسرائيلي بتجنّب استهداف المدنيين في لبنان”.
وأكد مصدر مقرّب من الحزب أن “العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة في الأيام الأخيرة قد يكون أغلبها في مزارع شبعا، لكن ليس صحيحاً أنها مقيدة بهذه البقعة الجغرافية”. وأكد المصدر لـ”الشرق الأوسط” أنه “منذ أن غامر الإسرائيلي بعملياته وخرق قواعد الاشتباك وقتل المدنيين، وآخرها كان استشهاد 6 مدنيين مع الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، بدأت المقاومة تنفيذ عمليات بعيدة واستخدام أسلحة متطورة. وقد أعلن نصر الله أنه بمعزل عن عملية الثأر لدماء شكر، فإن العمليات ستتواصل داخل فلسطين المحتلة، وأن معيار استهداف العمق الإسرائيلي رهن مسألتين: الأولى هي الردّ على الاغتيالات وقصف المسيرات، والثانية اختيار الهدف العسكري والأمني الذي يسجل في خانة المقاومة ويراكم إنجازاتها”.